لجنة الزراعة و الري

الجفاف والعواصف الترابية في العراق

الجفاف والعواصف الترابية في العراق

الدكتور المهندس كنعان عبد الجبار أبو كلل _ مهندس استشاري

عضو لجنة الزراعة والري ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

المقدمة :

يعد العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم خصوصا بسبب تزايد الجفاف , مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف خمسين درجة مئوية , وكذلك لانحسار الأمطار وتناقص الموارد المائية بصورة حادة بسبب قيام دول الجوار العراقي بقطع او تخفيض جريان الأنهر المشتركة مع كل من ايران وتركيا , وخفض الخطة الزراعية , وان هذه العوامل ستلقي بتأثيراتها على الغطاء النباتي ,واستمرار شح المياه سيؤثر مباشرة على الخطط الزراعية واستدامة الأحزمة الخضراء .

لقد تقلصت إيرادات المياه في العراق بأكثر من الثلث منذ الربع الأخير من القرن العشرين نتيجة  للتغير المناخي حيث انحسرت معدلات الأمطار نتيجة لارتفاع معدل حرارة سطح الأرض واصبح العراق اكثر حاجة للأمطار من أي وقت مضى , تزامن انحسار المياه والأمطار عن العراق مع سيطرة دول الجوار على منابع الأنهار عن طريق بناء سدود كبرى وتحويل مجاري الأنهار في دول منابعها الى داخل هذه الدول مما اضر ذلك بالثروة المائية العراقية كثيرا , وفقد العراق معها فوائد الفيضانات الربيعية التي كانت تجد معها خصوبة التربة وينتعش معها الغطاء الأخضر في السهول والوديان فأصبحت عرضة للتعرية والتصحر بسبب الجفاف وازدادت معها العواصف الترابية بصورة ملحوظة .علما بانه بلغت نسبة التصحر في العراق نحو 70% وان النسبة قابلة للزيادة مالم تبدأ الحكومة العراقية بحملات تشجير واسعة في جميع المحافظات .

 

دق تقرير الأمم المتحدة الأخير ناقوس الخطر في العراق , بعد ان كشف خطورة التغير المناخي على العراقيين بصورة عامة والمزارعين بصورة خاصة ,لاسيما مع زيادة العواصف الرملية ؛ اذ شهدت البلاد 122 عاصفة ترابية خلال 283 يوما في سنة واحدة , والمحتمل ان تصل الأيام المغبرة الى 300 يوم خلال العام .ان دلالة خطورة الوضع البيئي في العراق بسبب تمدد التصحر وتعاقب العواصف الترابية على البلاد كل ذلك بسبب خطر التغير المناخي , ويذكر ان العراق فقد قرابة ال 100 الف دونم من الأراضي الزراعية خلال السنوات الأخيرة , بسبب التغير المناخي الذي حدث عالميا , فضلا عن الاستخدام الجائر للتربة من جراء الزراعة المتكررة ونظام الري الذي سبب تملح التربة وغياب الغطاء النباتي  , ويتطلب تكثيف الجهود في مجال التغير المناخي بتثبيت الكثبان الرملية ومكافحة التصحر باعتبارهما عاملان اساسيان لتداعيات التغير المناخي وبالتالي العواصف الغبارية .وهذه العواصف هي ظاهرة طبيعية مرتبطة بعوامل شحة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والرياح ونوع التربة .

ان الحل الأمثل لمعالجة الواقع الصحراوي التي تعيشه اغلب المناطق العراقية يكمن بزيادة المساحات المزروعة  بالأشجار وزيادة الغطاء النباتي وزراعة النباتات  ذات القابلية على التأقلم مع الأجواء الحارة الجافة . للتقليل من نسبة الغبار الداخل الى المدن .

 

الأسباب الرئيسية للمتغيرات المناخية في العراق :

ان من اهم الأسباب الرئيسية للمتغيرات المناخية في العراق هي :

1 –  انحسار غابات النخيل في وسط وجنوبي العراق من 48 مليون نخلة في سبعينات القرن الماضي لنحو 8 مليون نخلة في الوقت الراهن مما اثر سلبا على المناخ المناطقي واخل بالعناصر الأساسية لاستقرار المناخ منذ الاف السنين .

2 –  جفاف اهوار جنوب العراق بسبب قلة تجهيزها بالمياه لانخفاض تصاريف الأنهر العراقية والأنهر المشتركة مع ايران  المغذية لها حيث بلغت المسطحات المائية التي تجففت حوالي 9 الاف كيلو متر مربع من اصل 10 الاف كيلو متر مربع (كان خزينها المائي نحو 12 مليار متر مكعب ) , إضافة الى إزالة غابات القصب والبردي مما اخل بالعناصر المناخية المناطقية وادى الى خلخلة التربة وتصحرها وانحسار المياه عنها .

3 –  تراجع الأهتمام بمراعي البادية مقابل تزايد عمليات الرعي الجائر مما أدى لأختلال الأحزمة الخضراء في البادية وبالتالي تخلخل الطبقة السطحية للرمال الصحراوية , ومع تعاقب موجات الجفاف أصبحت الطبقة السطحية اكثر عرضة للانجراف بفعل الرياح وزادت حمولاتها من الغبار والأتربة وحبيبات الرمل الصغيرة والمتوسطة التي تؤثر سلبا على الأراضي الزراعية وتعصف بالمدن المحاذية للصحراء وتسبب تلوث الهواء والبيئة .

4 –  انحسار مساحات الغابات نتيجة الحرائق او التحطيب الجائر ومقابل ذلك غياب عمليات التحريج الاصطناعي مما أدى الى انكشاف مساحات واسعة من ارض الغابات وبفعل الأنجراف الريحي والأنجراف المائي نتيجة عمليات الحت المختلفة , تخلخلة الطبقة السطحية للتربة فأدى لسهولة انجرافها وتصحرها .

5 –  انحسار مياه نهري دجلة والفرات والأنهر والوديان المشتركة مع ايران أدى لأختلال مناسيب المياه في المجاري والروافد , وبوجود عوامل مناخية ( الحرارة , الرياح , الجفاف , تكشفت المساحات الخضراء على ضفاف المجاري المائية …) أدى لتزايد عمليات الحت المائي والريحي وتسبب في انهيار قوام التربة لضفاف المجاري المائية ,وبعدم وجود الصيانة الدورية تخلخلة التربة السطحية وبفعل العواصف والرياح القوية تتطاير حبيبات التربة مع الهواء لتنتقل الى أماكن أخرى فتسبب تلوث هوائي للمناطق القريبة منها .

6 –  تراجع المساحات الزراعية نتيجة العجز المائي على مستوى القطر بفعل الإجراءات التي تقوم بها الدول المتشاطئة مع العراق , وبوجود خلل في الإدارة المائية والبيئية على مستوى القطر نتيجة تسلط السياسيين الجهلة على مراكز القرار المائي , والتدخلات العشائرية , تصحرت وتملحت الأراضي الزراعية .

7 –  سوء الإدارة المائية في العراق وخاصة فيما يتعلق بتوزيعات المياه وتشغيل السدود والخزانات والهدر الكبير في المياه والتجاوزات الكبيرة على الأنهر ومجاري المياه وعدم وجود كادر فني مؤهل لإدارة وتشغيل المنظومة المائية في العراق .

8 – ضعف أداء وزارة الزراعة فيما يخص اعمال التشجير والأحزمة الخضراء وعدم وجود خطة سنوي لديها للتشجير والمناطق التي تشملها وحسب أهميتها والأهم من ذلك ادامة اعمال التشجير بالسقي واستبدال التالف من الأشجار وغيرها .

9 –  ضعف التنسيق والتعاون على المستوى الإقليمي لمواجهة مشاكل التصحر التي تعد مشكلة عالمية وتحتاج لجهود كافة الأطراف للوصول الى نتائج إيجابية , وان الإجراءات المنفردة نتائجها العملية محدودة .

اضرار العواصف الرملية والغبار:

تشكل العواصف الرملية والغبار اضرارا كبيرة في الاقتصاد الوطني والصحة العامة ومنها ما يأتي :

1 – تسبب حالات الاختناق الكثيرة بالنسبة لكبار السن والأطفال وللمصابين بالأمراض التنفسية .

2 – توقف النقل الجوي لأوقات كبيرة وتعطل المطارات وهذا ما يربك حركة المسافرين والبضائع وهو خسارة اقتصادية .

3 – تربك حركة النقل البحري وحركة البواخر في الموانئ وكذلك ارباك حركة تفريغ وتحميل البواخر وحركة تحميل النفط في الموانئ .

4 – تسبب الرياح والغبار تلف المحاصيل الزراعية , واقتلاع الأشجار والشجيرات .

5 – تزيل الغطاء النباتي من سطح التربة وبالتالي زيادة مساحات التصحر .

6 – تؤدي العواصف الرملية الى الأضرار بالمنازل والمنشآت وقد تؤدي الى هدمها وتخريبها

 

معالجات العواصف الترابية والغبار :

 

الأحزمة الخضراء والتشجير للحماية من العواصف الرملية والغبار :

أولا : تشجير الأحزمة الخضراء الواقية :

الأحزمة الخضراء هي اسوار من الأشجار التي يستهدف منها وقاية المزارع والحقول وما فيها من منشآت من تأثير الرياح والزوابع الشديدة , اما الأحزمة الخضراء فهي خطوط عديدة من الأشجار المغروسة حول المدن المفتقرة الى الأشجار والغطاء النباتي بوجه عام من اجل التخفيف من تأثير الرمال اثناء الزوابع الرملية , ويجب وضع العوامل التالية في الاعتبار عند زراعة الأحزمة الخضراء :

1 – ان تكون الأحزمة الخضراء عريضة بحيث لا تقل عن 10 صفوف على ان تزرع الأشجار على مسافات محدودة لسهولة ريها باستخدام الري بالتنقيط او الري السطحي بعمل قنوات تزرع الأشجار في باطنها .

2 – ان يتواجد اكثر من نوع على ان تتكون الأنواع المواجهة للرياح اعلى في طولها النهائي عن الأنواع الأخرى وان تكون ذات جذوع مستقيمة وذات تيجان كثيفة .

3 – زراعة الأشجار التي لها مظهر جمالي في الصفوف الداخلية حتى يمكن استخدام هذه الأماكن للترويح ويمكن في هذه الأماكن زراعة الأنواع متساقطة الأوراق .

ثانيا : الأنواع التي تصلح للزراعة بالأحزمة الخضراء حول المدن :

أ – أنواع تزرع بهدف الحماية وإنتاج الخشب :

الكازورينا الحمراء , الكازورينا البيضاء , الكافور العادي , الكافور الليموني , كافور الصقيع , السرو ( بطئ النمو ) , الأكاسيا ساليجنا , الكايا .

ب – أنواع متساقطة لإنتاج الخشب وقيمتها الترويحية :

السرسوع , الأستركوليا يلاتا نيفوليا , الحور , الفتنة, البامبوزيا , التوت , أبو المكازم .

 

ثانيا : الأنواع الملائمة لاستخدامها كمصدات للرياح :

يجب وضع العوامل التالية في الاعتبار بالنسبة لمصدات الرياح :

1 – الأتجاه الذي تهب منه الرياح فأحسن تأثير للمصد هو عندما يكون عموديا على اتجاه الرياح ونفس الشئ بالنسبة للأحزمة الخضراء وكلما انخفضت الزاوية بين اتجاه الرياح والمصد كلما انخفض تأثيره .

2 –  نفاذية المصد ويقصد بها نسبة الفتحات بالمصد فالمصدات الكثيفة التي تزرع اشجارها على مسافات متقاربة والتي تكون اكثر من صف به الأشجار متبادلة تكون عالية الكثافة وهذه قد تسبب حدوث دوامات هوائية خلف المصد بينما المصدات المتوسطة النفاذية ذات تأثير اقل على خفض سرعة الرياح ولكن لا تسبب حدوث الدوامات الهوائية كما ان تأثيرها يستمر لمسافة تصل الى 20 مرة قدر طول الأشجار ويمكن التحكم في نفاذية المصد عن طريق مسافات الزراعة .

3 – يراعى عدم وجود فتحات بالمصد نتيجة موت الأشجار حيث يمر الهواء فيها بسرعة اعلى من سرعته العادية ولذلك في المصدات الكبيرة الخالية من الأفرع السفلى يجب زراعة أشجار صغيرة او شجيرات بين الأشجار الكبيرة لعدم مرور الهواء بين المنطقة السفلى .

4 – يجب ان تكون المسافة بين كل مصدين متوازيين محسوبة على أساس 20 مرة قدر ارتفاع الأشجار ونظرا لأن طول الأشجار يختلف مع العمر فأن طول الأشجار المستخدمة في حساب المسافة يحسب على أساس طول أشجار النوع المستخدم عند عمر 20 سنة .

ومن اهم أنواعها الشجرية المستعملة :

السرو بانواعه ( الهرمي والأفقي والفضي والعطري ) , كازوارينا  الحمراء والبيضاء , الكافور البلدي , الأثل او العبل ,اوكاليبتوس , غلاديشيا , بونسيانا , , الحور والصفصاف , الطرفاء , الدردار , روبنيييا الكاذبة ( زهرة العنقود ) , الزيزفون , الدلب , الزيتون , الخرنوب , اكاسيا , سيانوفبللا ( السنط الأزرق ) , واكاسيا فرنازيانا وارابيكا ( السنط العربي ) , التوت , الجوز , صفير اليابانية , الصنوبر الحلبي والبروتي والثمري والكناري , المجنونة , الشمشير , الزعرور , المرجان , التوت الأبيض , الصبار الشوكي , قصب الماء البري , السماق , الفلفل المستحي  وغيرها .

ثالثا : الأنواع الملائمة للزراعة بمناطق الكثبان الأراضي الرملية :

يتطلب مراعاة مايلي عند تشجير هذه المناطق :

  1. ان تكون الأنواع المستخدمة مقاومة للجفاف والملوحة .
  2. ان تكون الزراعة كثيفة وتحتاج الى عمالة كبيرة .
  3. عند تثبيت الكثبان تبدأ الزراعة خلف قمة الكثيب وتمتد حتى قرب الذيل .
  4. ان تكون المسافة بين الأشجار صغيرة لارتفاع نسبة الموت في البادرات المزروعة .
  5. عند تثبيت الكثبان الموجودة على جانبي طرق المواصلات يجب ان يتم تثبيت الجانب المتحرك الذي تهب منه الرياح وليس الجانب المقابل لضمان هذا الجانب وعدم غلق الطريق .

والشجيرات التي تصلح لتثبيت الكثبان الرملية هي :

القطف ( معظم انواعه تستخدم كعلف ) , الخروع , السيسال , الباركنسون يا .

وهناك أشجار تصلح للعلف وتثبيت النيتروجين الجوي وهي :

الكاسيا ساليجنا , الطلح ( الأكاسيا سيال ) , الأكاسيا عريشي ( اكاسيا سيكلوبس) , البروسويس او المسكيت .

وهناك أشجار لاتصلح كعلف مثل الأثل او العبل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى