لجنة الاسكان و البنى التحتية

توثيق التراث المغمور تحت الماء Documentation of Underwater Heritage

أ.م.د. عماد هاني العلاف

عضو لجنة الاسكان والبنى التحتية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

قسم هندسة العمارة – كلية الهندسة – جامعة الموصل

[email protected]

المواقع الأثرية تحت الماء

شهدت السنوات الماضية اهتماما واسعا في تطوير نظم ثانوية في حقل استكشاف وتوثيق التراث المغمور بالمياه. وبالمقارنة مع المواقع فوق سطح الأرض فان المواقع التاريخية تحت الماء تعد صعبة ومعقدة الوصول وخاصة مع تطبيقات المسح والتسجيل والتوثيق والتصوير وفعاليات الحماية والصيانة والحفاظ على التراث العمراني المتعلق بالفعاليات البحرية والمائية أو المتفاعلة مع البيئات والشواطئ المائية. وعادة ما تقوم بعض الفعاليات البشرية كالصيد والغوص وكذلك السرقة وبشكل مستمر على تدمير أو تهديد المناطق التراثية والتاريخية المغمورة بالماء كحطام السفن التاريخية مثلا، والتي غالبا ما تتطلب عمليات التوثيق والتسجيل المنتظم والمدعوم من قبل هيئات ومؤسسات حماية وصيانة التراث العمراني.

ولغاية اليوم فان إعادة تمثيل هذا النوع من المواقع في الغالب تكون باستخدام الرسومات والمخططات المقدمة من قبل الخبير بعد عمليات الغطس المتكررة، وعادة ما يتم الحصول على القياسات والأبعاد باستخدام المعدات المحمولة يدويا، مما يتطلب جهودا استثنائية ووقتا كبيرا وكلف عالية، والتي تؤثر بشكل كبير على مستوى التفحص والاستكشاف وعلى دقة الناتج لمحاولة تقليص فترة العملية غالبا. ومع دخول التقنيات الحديثة في عمليات المسح والتصوير فقد تم استخدام عدد منها للتمكن من تكوين المخططات ثنائية الأبعاد والمجسمات الافتراضية وتوظيفها في تقنية الواقع المعزز Augmented Reality أو الواقع المختلط Mixed Reality.

إن عملية استعادة واسترداد القطع والأعمال الفنية من المواقع التاريخية المغمورة بالمياه غالبا ما تعمل على إتلاف وتخريب عناصر أو محتوى أو نسيج الموقع الأثري، والذي يبقى مصانا ومحافظا عليه غالبا فقط في مدونات الباحثين والمساحين والمخططات والصور التوثيقية والملتقطة من قبل كادر المسح، لذا فان عملية التسجيل الحذرة والدقيقة هي عملية مهمة جدا، كما يعد التوثيق حاسما وضروريا أثناء مراحل الاستكشاف والتحليل كافة.

توثيق أجزاء من حطام سفينة تاريخية في ميناء مارجانا – جزيرة البا

إعادة تمثيل ثلاثي الأبعاد لبعض أجزاء حطام سفينة تاريخية في ميناء مارجانا – جزيرة البا

نظم المركبات المسيرة وذاتية الحركة في حقل توثيق وحماية التراث تحت الماء

سعت عدد من المؤسسات المتخصصة في حقل التراث تحت الماء بتطوير آليات وتقنيات جديدة ذاتية العمل والحركة منخفضة الكلفة تعمل على تقليص عدد العمليات المطلوبة للمسح والرصد والمراقبة وتغطي أغلب أعمال حقل التوثيق والصيانة الضرورية التي قد يقوم بها الإنسان. وقد تم في بعض التجارب الاستفادة من المعدات المستخدمة في عمليات الحقول الأخرى كالفعاليات العسكرية والتنقيب البحري عن النفط والغاز لغرض الفحص وجمع وتسجيل معلومات إنشاء المخططات والخرائط ومهام التنقيب والاستكشاف.

تشتمل مجموعة المعدات والأجهزة المستخدمة في حقل مسح التراث المغمور بالمياه على النظم المستندة على السفن كالسونار ذو الماسح جانبي القطر والمركبات المسيرة عن بعد، وحاليا المركبات الذاتية حرة السباحة والغطس. إن لكل من هذه المعدات أمكانات وقدرات تصويرية وتخطيطية متعددة ومتباينة مناسبة لمهام ومقاييس محددة. وتتضمن هذه التقنيات نظم متعددة منها المركبات بلا ملاح المسيرة تحت الماءUnderwater Unmanned Vehicles-UUV وتسمى أيضا بالمركبات المشغلة عن بعد  Remotely Operated Vehicles- ROV وكذلك نظم المركبات ذاتية الحركة تحت الماء Autonomous Underwater Vehicles-UUV.

وقد تم استخدام تقنيات الروبوت في حقل التراث المغمور بالمياه لأول مرة في عام 1989 لتجاوز قيد وصول الغواصين لأعماق المياه من خلال استخدام معدات المركبات المسيرة من بعد لاستكشاف حطام سفن غارقة في البحر الأبيض المتوسط.

آلية غواصة مسيرة عن بعد لأغراض المسح والمعاينة والتوثيق

جوانب استخدام تقنية المركبات المسيرة وذاتية الحركة في حقل التراث المغمور بالمياه

 

يمكن من خلال توظيف تقنية المركبات الغاطسة بلا ملاح تنفيذ العديد من المهام المطلوبة وبدقة عمل متميزة، منها مثلا المسوحات الأفقية السريعة وغير المكلفة للمناطق الواسعة وباستخدام المتحسسات المتنوعة، وحمل أدوات تحليل البيانات شبه الآلية السريعة وغير المكلفة للمواقع أو العناصر قيد الدراسة، والقدرة على التصوير عالي الدقة لإغراض إعادة الإنشاء، والمسح والاستكشاف والتوثيق الداخلي لحطام السفن القديمة باستخدام معدات مصغرة والمتجنبة للتسبب بالضرر وغير المقوضة للعناصر، وعمليات المسح والتوثيق اللين والناعم للعناصر القابلة للكسر والتهشم، وجمع واكتساب المعلومات الضرورية لتكوين المجسمات والبيئة الافتراضية للتراث تحت الماء، ومراقبة التغييرات الطارئة على المواقع من خلال جولات العودة اللاحقة والمحتملة إلى الموقع آليا. كما يمكن الانتفاع من المركبات الغاطسة المسيرة عن بعد في الفعاليات المتعلقة بالتراث المغمور لجمع المعلومات ومراحل الاستكشاف والتحري وبرامج البحث في المناطق الواسعة وتحديد هوية العناصر والأهداف والمسوحات المكانية والتنقيب. وللاستفادة الشاملة من هذه الأهداف يتطلب تحديد جوانب مختلفة متعلقة بالمركبة نفسها كنوع التصميم وتخطيط المهام واختيار نوع المتحسسات وأجهزة ومعدات المسح المحمولة.

إن نجاح عمليات المسح والتوثيق باستخدام المركبات المسيرة تحت المياه يعتمد على تكامل التقنية مع المتحسسات المناسبة للأهداف المطلوب تحقيقها ومواصفاتها وقدراتها، ومن ثم لاحقا مع تقنيات معالجة البيانات المستخدمة للحصول على الناتج النهائي. وفي المواقع الصغيرة نسبيا فان قدرات المعدات والمركبات المناسبة تتحدد من خلال التعامل بالسرعة البطيئة لمتابعة أشرطة المسح بشكل دقيق، والتحكم بالموقف الجسماني للمركبة بثبات، ودرجة استقرار الجهاز.

يمكن بواسطة توظيف الروبوتات والمركبات المسيرة عن بعد الحصول على البيانات المكانية من خلال القدرة على حمل عدد من التقنيات المتنوعة كتقنيات قياس أعماق البحار Bathymetry ونماذج التضاريس الأرض الرقمية  Digital Terrain Model  والأساليب التقليدية في مسح العناصر والأعمال الفنية أو المسح التصويري.

يستخدم المتخصصون في حقل توثيق التراث المغمور مجموعة من الأساليب كتقنيات المسوحات البصرية إلى جانب عدد من الأدوات الجيوفيزياوية كالسونار المقطور الجانبي المسح والملحق بالسفن، وأساليب علم قياس أعماق البحر المتعددة، والمقاييس المغناطيسية لغرض تحديد مواضع ومكونات المواقع الممسوحة. وتوفر عملية دمج مثل هذه التقنيات المتقدمة مع نظم الروبوت والمركبات المسيرة عن بعد منهجية عمل فعالة لأغراض توثيق التراث المغمور بالمياه والتي تسعى إلى زيادة إمكانية تغطية المساحات الواسعة وتقليل درجة الأخطاء المحتملة. وعادة ما يتمكن خبراء الحاسوب من جمع المعلومات مختلفة الصيغ والأشكال بصيغة تتعامل مع برمجيات تقنية الواقع الافتراضي لتكوين بيئة رقمية تمثيلية للموقع الموثق يغني خبراء التراث والحفاظ عن ضرورة الغطس إلى الموقع تحت الماء من خلال البيئة الانغماسية التفاعلية الرقمية.

مكونات مركبة غواصة متعددة المهام

مميزات العمل بتقنية المركبات الغواصة المسيرة وذاتية الحركة

تعد فعاليات استكشاف التراث تحت المياه غالبا محفوفة بالمخاطر والتحديات البيئية سواء بالنسبة للمعدات أو بشكل خاص للخبراء والعاملين في هذا القطاع. وعليه يمكن للروبوت الغواص أن يساهم بفعالية في تحسين أداء أساليب المسح والتوثيق التقليدية مع تخفيض الكلف وضمان الحصول على النتائج الأفضل مع حماية حياة العاملين وسلامة المعدات خصوصا في العمليات التي تحتاج إلى الوصول إلى أعماق كبيرة. وتستخدم حاليا مع تقنية الروبوت الغطاس أو الآليات الغواصة المسيرة التقنيات الحديثة في تسجيل المواقع التاريخية المغمورة بالمياه كاستخدام نظم التموضع العالمي في تعيين إحداثيات مصادر المواقع العالمية لتحديد وتثبيت أماكنها رقميا وبدقة عالية.

وقد تم في السنوات الأخيرة إشراك المهندسين وخبراء إدارة المعلومات مع التقنيات الحديثة في مناهج المسح التقليدية بهدف جعل العملية أكثر كفاءة ودقة في مراحل عملية التوثيق المختلفة، خاصة خبراء ومهندسو الحاسوب اللذين تم إشراكهم في المرحلة الدراسية الحقلية الأولى للمواقع. كما إن استخدام معدات وأجهزة المركبات المسيرة وذاتية الحركة -AUV  و  ROV- خصوصا عند سماح ميزانية المشروع وبمعية نظم التموضع الصوتية والكاميرات الصورية المتقدمة، يساهم في التمكن من إحراز مخططات وإعادة إنشاء تمثيلية ذات مصادر جغرافية دقيقة جدا لمساحة كبيرة من المواقع المغمورة، بدلا من المخططات الأولية اليومية. تعد مثل هذه البيانات المكتسبة باستخدام ترابط معلومات مكانية بصرية وسمعية مهمة جدا كونها لا تعتمد على ذاكرة الغطاس البشري، كما يمكن إدراجها مباشرة في نظم المعلومات الجغرافية، ولاحقا بعد عملية التصفية في عملية إعادة إنشاء نماذج افتراضية للموقع الموثق.

تفاصيل عدد من المعدات المحمولة على المركبة الغواصة المسيرة

لقد سمحت عمليات تطوير عمر البطارية وتجهيز الالكترونيات بطاقة ضئيلة من تمكن المركبات على الغطس لزمن يتعدى 24 ساعة وببعد أكثر من 100كم والقدرة على حمل مجموعة كبيرة من المتحسسات الصوتية والبصرية والكيمياوية، كما أنتجت مؤخرا مجموعة من الشركات التجارية مركبات مسيرة عالية التقنية للأغراض العلمية ذات فعالية تقع ضمن معدل 6 كم.

ومثل هذه الأجهزة أصبحت أدوات قيّمة لعمليات مسح بيانات الأعماق وقاع البحار والتحسس البيئي للمياه. وتمكن المركبات المسيرة والقريبة من القاع من مسح معلومات تصل بدقتها إلى السنتمترات في المياه العميقة. وحتى في المياه الضحلة فان استخدام المركبات المسيرة ذات السرعة الثابتة والمستوى المنخفض من حركة التمايل والأرجحة والسيطرة على الوضع الجسماني للمركبة والالتفاف والاستدارة الكفوءة يجعل منها معدات مميزة بالمقارنة مع النظم المستندة على السفن أو المرتبطة بها.

وتوفر إمكانات وقدرات هذه النظم كمدى البحث الواسع تغطية مناسبة وفعالة والعمل الفعال ما وراء النظم المستخدمة حاليا كالنظم المقطورة عبر السفن. كما أنها في جانب التسجيل والتوثيق قادرة على تنفيذ المسوحات التفصيلية والحصول على بيانات تسجيلية للمتحسسات المختلفة. ويمكن للنظم عند استخدامها في المياه الضحلة تزويد المستخدم ببيانات دقيقة جدا ذات ضبط عال وجهود متممة لتلك التي يقدمها المساحون الغطاسون لتحقيق عملية توفير ملموسة في وقت الانجاز.

المركبات الغواصة المسيرة في أحدى مهام المسح

محددات العمل بتقنية المركبات الغواصة المسيرة وذاتية الحركة وجوانب القصور المتوقع تجاوزها

بالرغم من الظروف الاستثنائية التي توفرها المواقع التاريخية المغمورة بالمياه لعمليات الحفاظ والصيانة كانعدام الإضاءة ودرجة الحرارة المنخفضة ومعدل الأوكسجين المنخفض، فان هذا النوع من البيئات يبقى عدائيا – لاحتمالية وجود الكائنات الضارة أو المفترسة أو لكونه غير صالح للمعيشة البشرية – ومحفوفا بالمخاطر وصعب التعامل معه لنفس الأسباب المذكورة سابقا من قبل الخبراء والمختصين والعاملين البشريين.

تستوجب كمية المعلومات المطلوب مسحها وتسجيلها لإنشاء مجسمات إعادة الإنشاء الافتراضية للمواقع والعناصر التاريخية المغمورة بالمياه استخدام المعدات التقنية ذاتية العمل لجمع البيانات اعتمادا على نظم الروبوت والغواصات المسيرة عن بعد والتي يمكنها العمل لفترة طويلة في بيئة عدائية وخطرة وبأقل الكلف الممكنة، ومع هذا فان مثل هذه التقنيات والمعدات تستلزم وجود القائد والملاح الخبير والمختص مما يسبب غالبا زيادة في الكلف المخصصة لجولات التوثيق وجمع المعلومات. ولا تزال تقنية الروبوت والمعدات آلية العمل تقنية عالية الكلفة بالرغم من جهود العديد من الجهات المشاركة وسعيهم لتوفير المعدات باقل كلفة ممكنة. وينبغي أن تتميز النظم المستخدمة بصفات مهمة للعمل ضمن القطاع منها الكلفة المنخفضة والاستخدام السهل والملائم لمختصي حقل التراث، وتوفير تقنيات وأدوات القوابس والتراكيب سهلة التركيب والأجهزة التي تساهم بجدية في تقليص الجهود والموارد الكلية في عمليات التفحص والمعاينة والتوثيق.

وبالرغم من قيود ومحددات البيئة الكثيفة للمياه فان المركبات المسيرة عن بعد او الذاتية الحركة لها القدرة على التصوير والتسجيل ورسم خرائط المواقع المغمورة خلال ساعات عمل قد تتطلب سنين بالجهد البشري. ومع هذا ينبغي تجاوز عدد من محددات وقيود العمل لضمان عملية التوثيق الكاملة والدقيقة، ومن أهمها الإعاقة المستمرة لتصوير المناطق بشكل كامل  والانغلاق Occlusion والناتجة من استخدام الكاميرات الموجهة للأسفل لتصوير العنصر من الأعلى. وبتحسين تقنيات معالجة البيانات وتضمين الصور الملتقطة من زوايا متعددة ومميزة ممكنة يمكن للمسح المعماري والأثري التاريخي أن ينتفع من المركبات الحاملة للكاميرات ذات التوجيه المائل بزاوية معينة وبمستوى ارتفاع منخفض فوق المواقع التاريخية الممسوحة كحطام السفن وغيرها.

كما يمثل توفير مستوى إضاءة مناسب تحديا آخرا لعمل التقنية بشكل مناسب وكفوء، فعادة ما تلحق المركبة بمصابيح إضاءة خاصة بها قد تكون غير كافية لتحصيل المعلومات المطلوبة، وان تعيين الإضاءة المناسبة للكاميرا هو عامل مؤثر على عملية إحراز صور واضحة في مثل هذه البيئة، بالاضافة إلى ضرورة عمل توازن بين نوع الإضاءة المطلوبة مع كمية استهلاكها لطاقة البطارية الملحقة بالنظم.   ويمكن أن يكون الحل المحتمل من خلال تزويد المركبة بمصادر إضاءة متعددة المستويات والتي تسلط إضاءة بدرجة فاعلة مع تقليص مستوى تكوين الظل عند التقاط الصور المنفردة وبين مجاميع الصور المأخوذة من مواضع مختلفة.

وتبقى مسألة المقارنة بين النتائج المرجوة من المشروع باستخدام الآليات الذاتية الحركة مع الكلفة الكاملة المطلوبة لعملها وشحنها والمخصصة لمشغلها الخبير القيد الأهم في الانتفاع وتوظيف الآلية في مشاريع التوثيق والمسح المعماري في المواقع التاريخية المغمورة بالمياه. ولا تزال الكثير من المسائل المتعلقة بالمسوحات الموقعية التفصيلية ودقة عملية التخطيط القابلة للانجاز والتي يمكن لنظم المركبات المسيرة عن بعد أو تلك الذاتية الحركة قيد النقاش والمتابعة، كتلك المرتبطة بالقدرة على التنبؤ وتعيين العديد من الأخطاء المتعلقة بكل نوع من أنواع المتحسسات والتي تتغير غالبا مع تغيير الموقع نفسه.

 

مشاريع تطبيق تقنية المركبات الغواصة المسيرة وذاتية الحركة على التراث المغمور بالمياه

ومن المشاريع التي تم استخدام الروبوت في عمليات استثمار التراث تحت الماء مشروع  VENUS 2006-2009 ومشروع THESAURUS 2011-2013 ومشروع ARROWS 2012. تم في مشروع VENUS مثلا تطوير قابلية الوصول إلى المواقع المطلوبة والمغمورة بالماء والحصول على المعلومات الضرورية لإنشاء المخططات والمجسمات لتكوين البيئة الافتراضية ولكن لم يكن بالمستطاع تجنب وجود الملاح الخبير والمهندسون المتخصصون في مراحل عملية المسح كافة. وعليه قام المهندسون بتطوير منهجية استخدام والتحكم بالروبوت متضمنة مجموعة من المتحسسات والمتحكم بها من قبل معالج مصغر بهدف التقاط وتحصيل المعلومات الجغرافية والوصفية والصور والأفلام، وهذا الجانب من التطوير يستهدف الباحثين والعلماء بشكل خاص واللذين يعدون مستخدمين غير خبراء بعمليات تسيير الروبوت والمعدات الملاحية الملحقة به والتحكم بها.

آلية الغواصة المسيرة لمشروع ARROWS مع ملحقاتها – الكاميرا الرقمية والانارة

أنواع الآليات المسيرة المستخدمة في التراث المغمور بالمياه

تم تطوير نوعين رئيسيين من أنواع المركبات المسيرة الآلية، وهما النمط الشبيه بالطوربيد ونمط الحوامات، ويمتلك كل منهما خصائص متباينة ومختلفة عن النوع الأخر. فنوعية آليات المركبة الحوامة صممت لتكون مستقرة وتتحرك بثبات في السرعة البطيئة وعند المناورة. ومع مزاياها كالحركة  بسرعة 10-25 سم/ثا وباستخدام السونار المحمول والكاميرات الموجهة للأسفل والقدرة على الاستدارة بنصف قطر صفر درجة تقريبا وبسيطرة محكمة على مستوى ارتفاع الآلية وبدرجة تأرجح ضئيلة تعد عوامل تساهم في مسح مناسب وناجع للمواقع الصغيرة. إلا أن هذا النوع يلاقي قيود عامة تتعلق بتوفير الطاقة المطلوبة للتشغيل، والحركة بسرعة تتجاوز 3 عقدة (حوالي 5.55 كم/ساعة) في المواقع الواسعة.

عدد من المركبات الغواصة المستخدة لاغراض المسح والمعاينة

وفيما يتعلق بالنوع الشبيه بالطوربيد فانه يتطلب عادة سرعة دنيا للعمل لا يتمكن من الأداء دونها حوالي (1.5 عقدة -2.5 عقدة) للحفاظ على مستوى الحركة، ويتطلب أيضا مدى تحكم أعلى للحفاظ على ثبات حركته مع احتمالية التأرجح والدوران بمستوى أعلى من النوع الآخر، ويستلزم زمنا أطول ومسافة تصل إلى عشرات الأمتار لضبط مستوى ارتفاعه. ولغرض تطوير درجة أداءه فقد الحق ببعض الأنواع المستخدمة في بيئة الموانئ المعقدة زعنفة أمامية ودوافع أنبوبية جانبية لتحسين مستوى ثبات إبحار الآلية، وعادة ما يكون هذا النوع ملائما لمسح المناطق والمواقع الواسعة والتعامل معها.

وتقدم النماذج الهجينة والمولدة من النوعين السابقين إمكانية الحفاظ على الثبات عالي المستوى مع الإمكانات العالية لكلا النوعين. وعليه فان عملية دمج كلا من النظامين السابق ذكرهما يتوقع أن يقدم مستقبلا عملية إنشاء المخططات المتدرجة متنوعة المقاييس مع دقة إنتاجية عالية وعمليات استكشاف وفحص معينة ومحددة.

أحد أنواع المركبات الغواصة المسيرة عن بعد ROV Remotely Operated Vehicle

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى