لجنة الادارة والاحصاء و التخطيط الاستراتيجي

تطبيق معايير الحوكمة المؤسسية في العراق

تطبيق معايير الحوكمة المؤسسية في العراق

لتعزيز الاصلاحات الاقتصادية والتنمية الإدارية ومكافحة الفساد

الاستاذ الدكتور : محمد عبد العال النعيمي

عضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

المحتويات:

  1. المقدمة
  2. الحوكمة المؤسسية وأهدافها
  3. تشخيص واقع العراق الحالي
  4. تحليل واقع و مستقبل العراق
  5. تبني الحوكمة المؤسسية
  6. مقترح تشكيل المجلس الأعلى للحوكمة
  7. مهام وواجبات المجلس الأعلى للحوكمة
  8. البيئة الدستورية والقانونية لتنفيذ معايير الحوكمة
  9. التوصيات

 

أصبحت الحوكمة ركيزة مهمة من ركائز قياس تطور الدول والمجتمعات باختلاف انواعها من خلال قياس التقدم الاقتصادي للبلدان والمؤسسات إضافة إلى تدعيم التنمية الادارية وفتح الآفاق أمام استدامتها.

لقد إزداد الاهتمام في السنوات الأخيرة في مجال تطبيق معايير الحكومة المؤسسية وذلك لأهميتها الجوهرية ودورها المحوري في تحقق الدرجات والمستويات العالية من الكفاءة والفاعلية والنجاح والتميز المؤسسي.

والسبب الحقيقي لاعتماد غالبية الدول المعايير الخاصة بالحوكمة يعود إلى الأزمات الاقتصادية التي مر بها العالم في الكساد العظيم عام (1929) حتى الأزمة المالية عام (2008) وما تبعها من أزمات مالية واقتصادية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

إن ضعف تطبيق الحوكمة المؤسسية في بعض الدول ومنها العراق أتاح إلى استفحال حالة الفساد الإداري والمالي واستغلال ضعف ممارسات السلطة لدورها في مجال المراقبة والمساءلة بشكل كافي إضافة إلى غياب عمليات الافصاح والنزاهة والشفافية مما أدى إلى زيادة الممارسات السلبية التي أدت إلى انفجار أزمات متعددة رغم أن السلطة في العراق حاولت تجميل صورتها المزيفة أمام الشعب لكن سرعان ما تكشفت الحقائق  عن ممارسات مخالفة للقوانين والأعراف الدولية في جوانب متعددة اقتصادية ومالية و إدارية وغيرها مما نجم عن ذلك المزيد من الأزمات والانهيارات.

 

وقد حدث ذلك في ظل غياب تطبيق الحوكمة المؤسسية لتحقيق التنمية الإدارية والاقتصادية إضافة إلى غياب ثقافة التنمية المستدامة وانتشار ظاهرة الفساد  الإداري والمالي وهدر الأموال وعدم وجود خطط استراتيجية للنهوض بالبلدان الى أحسن حال.

إضافة إلى عدم وجود النية الأخلاقية الصادقة للإلتزام بإجراء معالجات حقيقية شاملة لانقاذ العراق من الانهيار، كل هذا أدى إلى فقدان ثقة المواطن بالسلطة وبقياداتها السياسية و التشريعية والتنفيذية لذلك أرى من الضروري تبني سياسات جديدة تضمن حقوق المواطنين والأجيال القادمة لثروات العراق من خلال اعتماد معايير الحوكمة  التي تضمن تحقيق الكفاءة والفاعلية والتمييز والنجاح في تأدية أعمالها وممارسة انشطتها المختلفة.

وعليه فإن تجارب العالم التي عالجت مشاكلها الاقتصادية والسياسية من خلال التركيز على مكافحة الفساد واستئصاله وذلك بتطبيق معايير الحوكمة في النزاهة والشفافية والمسألة وتطبيق المسؤولية الاجتماعية واعتماد العدالة في تطبيق القوانين والتعليمات بشكل عادل وشفاف.

إضافة لوضع استراتيجية قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى لفرض تنفيذ معايير الحكومة مع التركيز على الاستدامة والتنمية الإدارية وإعادة الهيكلة للأجهزة الإدارية  وإنهاء المحاصصة الحزبية والفئوية وغيرها وتقييم أداء الحكومة من قبل الأجهزة المختصة ومحاسبة المقصرين.

 

الحوكمة Governance  تعني الانضباط والسيطرة والحكم.

عملية تقوم بها الدولة من أجل تحقيقها رسالتها وحماية مصالحها والخصائص على موجوداتها.

نظام لفرض توجيه المنظمات والرقابة عليها.

ضمان حقوق المواطنين وتحديد واجباتهم

الحوكمة المؤسسية ((أنها نظام متكامل يتبنى الممارسات السليمة والصححه في أعمالها مستندة إلى منظومات توجيهية ورقابية فاعلة تعتمد مبادىء وأسس واضحة )) مثل النزاهة، الشفافية، المساءلة ، العدالة… مع وجود قوانين فاعلة لتبني الحوكمة وتطبيقها.

 

الحوكمة المؤسسية (Corporate – Governance)

لا يمكن تطبيق الحوكمة إلا من خلال تظافر الجهود المشتركة للقطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني لأن التنمية عملية تشاركية تستهدف الجوانب الإدارية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها وصولاً إلى تحقيق التنمية المستدامة لغرض تحقيق انتقالا ً نوعياً وكمياً وجوهرياً من حال إلى آخر يكون أفضل دون المساس أو المساومة على حقوق الاجيال القادمة في الموارد وتلبية حاجاتهم.

إن الحوكمة المؤسسية غدت مطلباً ضرورياً لفرض الاصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد المستشري في جميع القطاعات. وقد أكدت مؤسسة التمويل الدولية (IFC) بأن أي نظام لا يتبع معايير الحوكمة المؤسسية سيكون خارج التصنيفات الدولية المعتمدة من قبل البنك الدولي وسوف لن يحصل على أية مساعدات مالية .

وعليه فإن الحوكمة المؤسسية هي أسلوب تطبيق لقياس كفاءة الأداء المؤسسي في تطبيق العدالة وسياسة الافصاح ومحاسبة المسؤولين عن ادارتهم لمؤسساتهم من خلال مراجعة السلوكيات السلبية والممارسات الإدارية غير القانونية.

 

أما من ناحية المجتمعية والسلوكية والتي تهم المواطنين في تطبيق المعايير الحوكمة والتي تستمد من النظرية الاخلاقيات (Ethical Theory ) الذي يحكم الحس الاجتماعي وتحمل المسؤولية وقبول المساءلة لدى الأفراد المسؤولين عن تطبيق نظم الحوكمة.

الإطار المفاهيمي للحوكمة  يمكن استخلاصه على أنه الآلية إلى بموجبها سيتم تحفيز الأفراد مهما كانت مواقعهم الوظيفية لجعل سلوكياتهم وممارساتهم الفعلية تتناغم مع استراتيجية ورؤية ورسالة المؤسسات وذلك في سعيها لتعظيم مواردها الاقتصادية وتحقيق العدالة والتوازن بين مصالح إدارتها التنفيذية من جهة ومصالح الأطراف الأخرى ذات المصلحة من جهة أخرى إضافة إلى وضع أنظمة محكمة للرقابة وتحديد الإجراءات اللازمة في توزيع الصلاحيات والمسؤوليات في عمليات اتخاذ القرارات إضافة إلى تحديد المعايير والمؤشرات اللازمة للقياس وتقييم الأداء.

تحديد الأطر التشريعية والتنظيمية والإجرائية (تشريعات، هياكل تنظيمية، العمليات، الأنظمة..) والتي تمكن الدول من مراجعة شاملة لفرض تسهيل تطبيق معايير الحكومة.

الأداء الجيد في تنفيذ البرامج وبكفاءة عالية.

إتخاذ القرارات والاجراءات المطابقة للتشريعات.

أهداف تطبيق الحوكمة المؤسسية

زيادة نسبة المواطنين وثقتهم بالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

تحقيق المساءلة والمحاسبة لجميع الموظفين العاملين وبمختلف مواقعهم.

الحماية اللازمة للملكية العامة.

السعي لتحقيق الأهداف الوطنية الاستراتيجية.

العمل على وضع قدرات الوزارات والدوائر الحكومية من خلال تطوير الأداء المؤسسي.

تقييم أداء المؤسسات ومتابعتها بشكل مستمر.

تعزيز وتفعيل إدارات المخاطر المؤسسي وتخفيف آثار المخاطر والأزمات المالية.

نشر ثقافة المساءلة والعدالة وقبول النقد والرأي والرأي الآخر.

تشخيص واقع العراق الحالي

بعد الاحتلال الأمريكي للعراق (2003) والتدهور الذي حصل في جميع مرافق الحياة وحل مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية وغيرها التي أدت إلى إنهيار منظومة الدولة إضافة إلى تحطيم البنى التحتية والأخلاقية في هذا البلد لغرض نشر حالة الفوضى والفساد إضافة إلى نشر ثفافة الفساد والرشوة وعدم المساءلة بعد أن تم تنصيب مجموعة من الحاقدين والمجرمين الذين كانوا يدعون أنهم معارضة.

أن تشخيص الواقع العراقي بعد الاحتلال يحتاج الى تفصيل كثير لأن جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية والاخلاقية أصابها الأنهيار و لذللك اصبح موقع العراق بين دول العالم متخلف و في ذيل الدول. ونذكر بعض الأمثلة:

تصنيف البنك الدولي في مجال الحوكمة كان العراق في مؤخرة التصنيف حيث كان رابع أسؤ دولة في العالم قبل ( كوريا الشمالية ، سوريا، اليمن) من بين 170 دولة وحصل العراق على درجة ((-1.27من خلال التصنيف  الدولي والتي يبلغ  حدود التصنيف من (2.5 +) إلى (2.5-) حسب تصنيف البنك الدولي عام (2016) ،(The Word Bank).

وهذا المؤشر مهم جداً لأنه يضم العديد من المعايير مثل الشفافية ، المساءلة، العدالة، الافصاح، الكفاءة، وحماية حقوق المواطنين، والفساد الإداري.

منظمة الشفافية الدولية: أصدرت منظمة الشفافية الدولية في العالم في (22 شباط عام 2018) تقريرها الذي تضمن (180) دولة في العالم شملها التقييم وفقاً لمقياس (100-0) حيث أن الدول التي تكون قريبة من الصفر تمثل أعلى فساد وكلما اقتربنا من (100) تكون أقل فساداً . وقد حصلت نيوزيلاند الترتيب الأول بدرجة (89)  وتليها الدينمارك (85) .. ومن الدول العربية كانت الدولة الأولى الإمارات العربية ترتيبها العالمي (21) بدرجة (71) وبعدها قطر (29) الأردن (59) العراق كان ترتيبه في ذيل القائمة (169) وحصل على درجة (18) وبعده كانت ليبيا واليمن وسوريا، والصومال أما أكثر (15) دول فساداً بالعالم وفق مؤشر مدركات الفساد لعام (2016) التي أصدرته منظمة الشفافية الدولية والتي مقرها برلين كان العراق من بينها حيث كان تسلسله (166)من (176)  دولة.

 

 

 

الجدول التالي يوضح موقع العراق بين دول العالم التي شملت بالتقيم و للسنوات من 2004 و لغاية 2017 المصدر: (منظمة الشفافية الدولية والصادر سنة 2018)

 

 

وقد تحدث المدير التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية (David Nussbaum) أن هذه النتائج تشير إلى أن الفساد في العراق متفاقم وصدرت وثيقة داخلية من البنتاغون الأمريكي عام 2004 تؤكد اختفاء ملايين الدولارات من الخزينة العامة. وأكدت تقارير متعددة من قبل منظمة الشفافية في عام 2018 أن العراق غارق في الفساد لعدم وجود معايير الحوكمة اضافة إلى وجود احزاب طائفية متسلطة على الدولة تمنع التحقيق في عمليات الفساد وهدر المال العام وحدد التقرير إن لجنة النزاهة في البرلمان لجنة سلبية ولا ترغب في كشف المفسدين وذلك لارتباطها مع الأحزاب السياسية الفاسدة. حيث بين التقرير أن من بين (169) شكوى احيلت إلى المحاكم تم إدانة شخص واحد فقط.

واعتبر التقرير أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء البؤرة الأخطر للفساد وكانت وزارة الداخلية والدفاع من الوزارات الأكثر فساداً والأكثر هدراً للموارد إضافة إلى خسارة العراق في القطاع النفطي بلغت (45) بليون دولار من تهريب النفط الذي تسيطر عليه المليشيات المسلحة . و(45) بليون دولار أخرى من المشتقات النفطية.

أهدرت الوزارات الأخرى ما يقارب (250) بليون دولار خلال الفترة من (2004) لغاية (2017) أما قطاع الكهرباء تم انفاق (17) بليون دولار  من عام (2005) لغاية (2010).

 

 

تحليل واقع ومستقبل العراق

نظراً لواقع الاقتصاد العراقي الحالي والذي يعتمد بشكل أساسي على إنتاج النفط ويعتبر اقتصاداً ريعياً حيث تمثل واردات العراق من صادرات النفط (96%)  من إيراداته حسب التقارير الصادرة من البنك العراقي المركزي (2017) وبلغت صادرات العراق اليومية خلال عام (2018) بمعدل (3.4) مليون  برميل يومياً ومن المحتمل أن يرتفع إلى (4.0) مليون برميل يومياً نهاية العام الحالي (2019)  حسب تقديرات وزارة النفط العراقية ورغم ارتفاع سعر النفط خلال الأعوام 2007 لغاية 2013 حيث بلغ سعر البرميل الواحد بمعدل (85-75) دولار وما زاد ايرادات العراق بحدود (240) مليون دولار يومياً  على اعتبار أن صادرات العراق (2.9) مليون برميل وبسعر (75) دولار  للبرميل الواحد . أي بدخل سنوي يزيد على (86) مليار دولار أي خلال الأعوام من (0204) لغاية (2013)  بلغت العراق  بحدود (1000) مليار دولار.

ويعتبر هذا الرقم بالنسبة لدولة مثل العراق رقماً خيالياً لو كان استثماره بشكل صحيح وبعبارة أخرى  كان يمكن أعادة بناء العراق ليبصبح واحداً من أفضل دول العالم وفي جميع القطاعات الانتاجية والخدمية اضافة الى ارتفاع متوسط دخل الفرد العراقي ليصبح من بين دول العالم الأكثر دخلاً

 

عدم قدرت السلطة الحاكمة بإدارة هذه الأموال واستغلالها بالشكل الصحيح والفساد المالي أدى أن يكون العراق في مؤخرة دول العالم وفي جميع المرافق الاقتصادية و الخدمية وسنوضح فيما يلي بعض القطاعات:

-قطاع الخدمات:

الكهرباء : حصة المواطن العراقي من الكهرباء لا تزيد بمعدل (3) ساعات يومياً تجهز وزارة الكهرباء وهي أقل نسبة من دول العالم, حيث بلغت نسبة الدول المتدنية لتجهيز الطاقة الكهربائية (13) ساعة يومياً.

الماء: رغم وجود مصادر المياه العذبة في دجلة والفرات كانت نسبة المواطن العراقي من الماء الصالح للشرب لا يزيد عن (5) لتر يومياً (معدل) (90%) من المجتمع العراقي يلجأ إلى شراء الماء الصحي ويعتبر هذه النسبة الأقل في بلدان التي فيها مصادر ماء مثل مصر، السودان، سوريا، وبعض دول افريقيا وامريكا اللاتينية. أما حصة المواطن العراقي من كمية الماء لفرض الاستخدامات الأخرى لا يتجاوز في أحسن الحالات (70)  لتر يومياً للفرد الواحد (معدل) ويعتبر هذا الرقم للدول التي فيها مصادر مياه غزيرة قليل. ويعود السبب لتهالك الشبكة الخاصة في نقل المياه إضافة إلى عدم كفاءة محطات أسالة المياه والتوقفات المستمرة بسبب قلة تجهيز الطاقة الكهربائية والصيانة الدورية لهذه المحطات.

الخدمات الصحية:

النسبة العالمية في مجال الخدمات الصحية هي لكل (1000) مواطن (سرير) ولكل (700) مواطن طبيب ولكل (500) مواطن مهن صحية وممرضين، ولكن بلغت هذه النسب في العراق بشكل كبير بعيد جدا عن هذه النسب وكما يلي أن لكل (15.000) مواطن وأكثر في العراق (سرير) في المستشفى ومعدل لكل (13.000)  مواطن طبيب وحوالي لكل (16.000) مواطن ممرض أو مهن صحية أما عدد المراكز الصحية بلغت لكل(150.000) مواطن مركز صحي وهذا الرقم يعادله (50) ضعفاً عن المؤشرات المتوسطة عالمياً.

قطاع التربية والتعليم:

شهد هذا القطاع تدهوراً كبيراً أيضاً اسوة بالقطاعات الخدمية الأخرى,حيث بلغ عدد الأفراد الذين لا يقرأون ويكتبون حوالي (6) مليون شخص أي بنسبة 30% من سكان العراق. وعدد المتسربين من مقاعد الدراسة بين عمر (6) سنوات لغاية (17) سنة  بحدود (2) مليون طالب ومعدل عدد الطلاب في الصف الواحد أكثر من (70)  طالب للصف الواحد وعدد المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية (11)  ألف مدرسة العراق يحتاج إلى أكثر من (10) آلاف مدرسة لتغطي الحاجة, (67%) من المدارس العراقية مرافقها الصحية غير صالحة الاستخدام و عدد المدارس الطينيه والكرفانات أكثر من (2000) مدرسة و عدد أيام الدراسة العملية لا يزيد عن (110) يوماً دراسياً في أحسن الأحوال مطروحاً منه العطلة الصيفية ونصف السنة. أي بنسبة تقل عن (65%) من أيام السنة.

–  حقوق الانسان:

في مجال حقوق الانسان وحرية الرأي والشفافية في المحاكم والاعتقالات وكبت الحريات كان العراق من بين أسوأ دول العالم حيث احتلت المراتب المتأخرة في هذا المجال وتقارير ( Human Rights) تشهد بذلك اضافة الى اغتيال العلماء و المفكرين والادباءو الصحفين و بعض القوانين الجائرة التي تحد من الحريات جعل ان يكون العراق في مؤخرة دول العالم.

القطاعات الخدمية الأخرى:

مثل النقل والطرق، والإسكان وغيرها جميع هذه القطاعات تشهد تدهوراً كبيراً حيث تحتاج مدينة بغداد أكثر  من (3) مليون وحدة سكنية وتحتاج البصرة إلى نصف مليون وحدة سكنية ويحتاج العراق في جميع محافظاته إلى أكثر من (6) مليون وحدة سكنية. وفي مجال الطرق يحتاج العراق إلى فتح طرق حديثة وإعادة وترميم أكثر من ( 50.000) كم لشبكة النقل في العراق للمدن والطرق التي تربط بين المحافظات وتحتاج إلى ترميم أكثر من (70) جسراً وإنشاء (120)  جسراً حديثاً في عموم العراق، داخل المحافظات وخارجها إضافة إلى اسطول النقل البري والجوي والبحري الذي يحتاج إلى أكثر من (70%) تجهيز جديد وزيادة وسائل النقل المختلفة لخدمة المواطنين حيث كان العراق سابقا واحد من افضل الدول العربية في مجال النقل و المواصلات.

 

تحليل واقع ومستقبل العراق

قطاع الانتاج والصناعة:

أكثر من (2500) معمل متوقف عن العمل حكومي وخاص كانت جميعها منتجة وكانت تغطي  أكثر من (65%) من حاجة المجتمع في الجوانب الصناعية والصناعات الغذائية والسلع الاستهلاكية ومنذ عام (2003)ولحد الان لم يتم استخدام اي مصنع او تشغيل المعامل المتضررة نتيجة العدوان الغاشم على العراق.

الجانب الأمني :

بعد عام (2003) شهد الجانب الأمني تدهوراً كبيراً في جميع أنحاء العراق عدا اقليم كردستان حيث بلغ معدل الجريمة في العراق من قتل واغتصاب وسرقة ومتاجرة بالمخدرات والتجاوز على القانون رقماً مخيفاً حيث صنف العراق من بين اسوأ دول العالم في الجانب الأمني.

ومن خلال ما تقدم يمكن ان نعرف حجم الخراب والدمار الذي اصاب كافة القطاعات وبالأرقام مع عمل مقارنات مع الدول الاقليمية أو وفقاً للتصنيفات الدولية سنلاحظ العراق يشهد اليوم إنهياراً كاملاً وفي جميع القطاعات بدون استثناء .. وتحتاج هذه  إلى دراسة مستفيضة ومعمقة لبيان مدى الخراب الذي أصاب هذا البلد بسبب الزمرة الفاسدة التي سيطرت على زمام الأمور والتي كان هدفها هو تخريب العراق تحقيقاً لأجندات معروفة إضافة إلى سرقة أموال العراق وثرواته.

 

تبني الحوكمة المؤسسية

يمكن وضع نموذج مقترح لإعادة هيكلة الدولة العراقية وفقاً لمعايير الحوكمة المؤسسية المستندة إلى المعايير الدولية وبإشراف المنظمات الدولية في تطبيق وقياس معايير الحوكمة وقياس كفاءة الأداء لغرض تحقيق المصلحة العامة وهي كما يلي:

الالتزام بالنزاهة والقيم الأخلاقية وسيادة القانون .

الانفتاح وإشراك الاطراف ذات العلاقة.

تحديد النتائج المرجوة لتحقيق التنمية المستدامة.

وضع الإجراءات اللازمة لتحقيق النتائج التي تم تحديدها.

بناءالقدرات المؤسسية والقيادية وقدرات موظفي الدوائر الحكومية.

أدارة المخاطر  والأداء من خلال رقابة داخلية فاعلة وإدارة محكمة للمالية العامة.

تطبيق الممارسات الجيدة في مجال الشفافية وتقديم التقارير وصولاً إلى تطبيق فعلي للمساءلة.

مقترح تشكيل المجلس الأعلى للحوكمة

 

لغرض مراقبة ومتابعة عمل الحكومة العراقية ومؤسساتها (السلطة التنفيذية) نقترح أن يصار لتشكيل مجلس أعلى للحوكمة يرتبط بالبرلمان العراقي ويمنح صلاحيات واسعة في مجال المراقبة في تطبيق معايير الحكومة للسلطة التنفيذية وتقييم أدائها . إضافة إلى التنسيق مع المنظمات الدولية المعنية في مجال الحوكمة والشفافية والبنك الدولي في مجال تبادل الخبرات والمعلومات يشكل المجلس من قبل مجلس النواب العراقي وفق شروط معلنة مسبقاً

إضافة إلى التنسيق مع المنظمات الدولية المعنية في مجال الحوكمة والشفافية والبنك الدولي في مجال تبادل الخبرات والمعلومات يشكل المجلس من قبل مجلس النواب العراقي وفق شروط معلنة مسبقاً. ويضم كل من :

ممثل لجنة النزاهة والشفافية في البرلمان.

ممثلين عدد (3) من مجلس القضاء ( من القضاة المشهود لهم بالخبرة والنزاهة).

أمين مجلس الوزراء.

رئيس البنك المركزي.

رئيس ديوان الرقابة المالية.

رئيس هيئة النزاهة.

رئيس هيئة مكافحة الفساد.

(4)  أعضاء من الأكاديميين في مجال الإدارة المالية والقانون الإداري من الكفاءات العالية والخبرة في هذا المجال.

رئيس نقابة الصحفيين.

ممثل عن النقابات والجمعيات المهنية.

ثلاث مرشحين من قبل المنظمات الجماهيرية والشعبية من (الشمال والوسط والجنوب).

يمكن اقتراح بعض الجهات المستقلة.

 

مهام وواجبات المجلس الأعلى للحوكمة

الواجبات :

التاكد من تطبيق القوانين والأنظمة والتعليمات في جميع الوزارات ومؤسساتها.

التأكد من تنفيذ البرنامج الحكومي وتشخيص نقاط الخلل واسبابها.

مناقشة التقارير المقدمة من قبل مجالس الحكومة في الوزارات والمحافظات وإبداء الرأي واطلاع البرلمان عليها مع اقتراح الإجراءات التصحيحية .

توفير البيئة الملائمة لعمل الوزارات وكشف الجهات أو العناصر التي تتدخل في عمل السلطة التنفيذية.

يعتبر هذا المجلس استشاري للبرلمان العراقي في تقديم المقترحات وتشخيص نقاط الخلل وتقييم الأداء الحكومي.

يعتمد المجلس الأعلى للحوكمة على معايير واضحة وشفافة وعادلة لغرض تقييم الأداء ويتم اعلان هذه المعايير وطريقة قياسها لجميع الوزارات ومؤسساتها وللمواطنين من خلال وسائل الأعلام المختلفة.

يجوز للمجلس الاعتماد على التقارير والبلاغات الواردة له من قبل الأجهزة الأمنية أو الشعبية أو المنظمات الجماهيرية، لغرض التحقق من صحتها.

البيئة الدستورية والقانونية لتنفيذ معايير الحوكمة

نص الدستور العراقي الصادر (2005) على عدة فقرات ومواد تتيح السلطة التشريعية والقضائية لمراقبة عمل السلطة التنفبذية وفقاً للمواد التالية:

المادة (78) من الدستور اشارت إلى أن رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي عن السياسة العامة للدولة وهو من يضع البرنامج وهو من يسأل عنه.

 

 

البيئة الدستورية والقانونية لتنفيذ معايير الحوكمة

 

المادة (93) اختصاص المحكمة الاتحادية العليا في الرقابة على دستور والقوانين والأنظمة النافذة في:

تفسير نصوص الدستور

تفسير الاختلافات التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية. والقرارات والأنظمة والتعليمات وحق الطعن المباشر لدى المحكمة.

الفصل بالمنازعات.

هناك مواد أخرى مثل (110 لغاية 115) تمنح الصلاحية الدستورية في رسم السياسات والرقابة والتدقيق في جميع التخصصات والمهام.

وعليه فإن السلطة  التشريعية والقضائية لديها الصلاحية في أحكام الدستور تشكيل هياكل رقابية لغرض الاطمئنان من تطبيق القوانين والأنظمة بشكل نزيه وشفاف وعادل.

 

 

التوصيات

بعد استعراض واقع العراق بعد الاحتلال عام (2003) والانهيار الذي اصاب العراق من هذا الاحتلال إضافة إلى الحصار الذي فرض على العراق بعد (1991) من قبل الدول الجائرة  أدى إلى تراجع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية إلى التراجع بشكل كبير وبعد العدوان الأمريكي على العراق (2003) واحتلاله وتدمير العديد من البنى التحتية لهذا البلد الذي كان يخطط أن يصل إلى مصاف الدول المتقدمة في عام (2020) وفقاً لخطته بعيدة المدى والتي أعدت من قبل وزارة التخطيط عام (1975) ولكن بسبب الحروب التي فرضت عليه من قبل إيران والاعتداء الأمريكي والحصار الظالم وصولاً إلى الاحتلال والمجيء بزمرة فاسدة مغرضة تنفذ أجندات بعض الدول والهدف الواضح كان تدمير العراق في جميع مرافقه الاجتماعية والاخلاقية وإيقاف عملية التقدم من خلال الحاكم الامريكي برايمر الذي اصدر العديد من القوانين الظالمة والجائرة بحق الشعب العراقي وبمباركة مجلس الحكم.

تقدم يمكن أن نقترح بعض التوصيات لفرض إيقاف عملية التدهور والانهيار وفقا لما يلي:

نشر ثقافة التسامح وحب الوطن والعمل على ترميم ما خربه الأشرار.

نبذ كل حالات التفرقة والتمييز بين أفراد الشعب الواحد.

الايمان المطلق بوحدة العراق والحفاظ عليه.

المحافظة على ثروات العراق من النهب والسلب والفساد باعتبارها ثروة العراقيين والأجيال القادمة.

فضح الفاسدين وتعريتهم أمام الرأي العام.

عدم السماح للتدخل الأجنبي بشؤون العراق.

احترام الرأي والرأي الآخر .

ترسيخ مبادىء الأخلاق والانتماء للوطن هو شرف لكل مواطن.

إعادة النظر في الدستور والقوانين والتشريعات التي تعمق الفرقة بين أفراد الشعب الواحد.

بناء الانسان واحترام الحريات والعمل بروح الفريق الواحد.

لتطبيق ما تقدم من مقترحات يجب أن نقدم الآليات المقترحة لغرض التنفيذ :

تشكيل المجلس الأعلى للحوكمة.

تشكيل مجلس التربية والتعليم لإعداد خطط استراتيجية لبناء الانسان وإعداده بشكل صحيح.

تشكيل المجلس الأعمار للأشراف على اعادة أعمار العراق و المحافظات المتضررة.

تشكيل مجلس الصحة والسلامة العامة والبيئة.

تعزيز مجلس الأمن القومي.

مجلس إدارة الطاقة والثروات الطبيعية.

مجلس إدارة الزراعة و أدارة الموارد المائية.

 

يكون لهذه المجالس خطط استراتيجية قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى وعلى الحكومات والسلطات التنفيذية متابعة التنفيذ بغض النظر عن فترة حل عمل الوزارة أي تعتبر خطة عمل كاملة تنفذها الوزارة المتعاقبة.

ويكون للسلطة التشريعية في العراق والمجلس الأعلى للحوكمة هو المسؤول عن متابعة هذه الخطة والقضاء على الفساد وابعاد الأحزاب السياسية من التدخل في عمل السلطة التنفيذية.

وعليه يمكن القول نحتاج إلى تنمية الشعور الوطني الحقيقي المخلص ورفع أصوات الشرفاء من العراقيين بوجه الفاسدين كفاكم تخريب وتدمير لهذا البلد ويجب ايقافهم ومحاسبتهم وكشفهم أمام الشعب العراقي والعالم بأن هؤلاء هم السراق والفاسدين الذين لبسوا عباءة الدين والإسلام لخدع الشعب والاسلام براء منهم.

لذللك نركز على أن تطبيق معايير الحوكمة و أنشاء المجلس الأعلى للحوكمة هو السبيل في التخلص من الفاسدين وتدخل الأحزاب السياسية في عمل السلطة التنفيذية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى