اللجنة القانونية

مقترح تعديل قانون رقم 188 لسنة 1959

 سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات  

في منتصف العام الماضي اثيرت انتقادات واحتجاجات وتذمر عام وشامل من قبل مختلف اطياف الشعب عندما طرح مقترح مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة1959 في مجلس النواب وكان الغرض من هذا المقترح العودة الى قرار مجلس الحكم رقم 137 لسنة 2003 الذي يلغي قانون الاحوال الشخصية اعلاه واحلال مكانه قانون بديل يزرع الفتنة والطائفية  والتناحر وتفتيت نسيج المجتمع العراقي الواحد من خلال تطبيق احكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالزواج والخطبة والأهلية وأثبات الزواج والحقوق الزوجية من مهر ونفقة وطلاق وتفريق ونسب وحضانة ونفقة الفروع والاقارب والوصية والوقف والعدة والخلع والرضاعة وغيرها من الاحكام الشرعية طبقا لفرائض مذهبية وطائفية بحتة مقيتة . 

كما يراد من هذا المقترح احياء قانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي طرح في عام 2013 سيء الصيت والذي رفض من قبل عموم الشعب شيعة وسنة .ان محاولة اعادة عرض هذا التعديل في مجلس النواب القادم  ينسجم تماماً مع عقول الحاكمين الذين ابتلي بهم شعب العراق الذين يراهنون على الازمات وخلق المشاكل تباعاً بغية ادامت بقائهم في السلطة تحقيقاً لأهداف المحتل. 

وعند الرجوع لمضمون مقترح التعديل نجد انه الزم المحكمة باتباع ما يصدرعن المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني مضافا الى ذلك اتباع المحكمة شكليات واجراءات واصدار احكام وقرارات على وفق كل مذهب والعودة الى المرجعية الدينية في كل المواضيع القانونية وميز بين الرجل والمراءة في احكام الشهادة اذ اشترط لنصاب الشهادة رجل وامرأتين وفي حالة عدم وجود رجل فاربع نساء والسعي الى تشكيل محاكم شرعية لكل مذهب وحسب تفرعاته هو تأكيد لترسيخ الطائفية وزرع الفتنة ,هذا ما ورد في المشروع المقترح و في ادناه  اهم الملاحظات بشأنه:  

1ـ تضمن التعديل عدد من المخالفات الدستورية والقانونية فقد ابتعد كثيرا عن مفهوم الدولة المدنية الحديثة ومبادئ حقوق المواطنة التي هي الاساس البناء المتين للامة العراقية الواحدة تحقيقا للمساواة والعدالة للجميع . 

2ـ يكرس التعديل المفاهيم والافكار الطائفية والمذهبية  التي هي اساس الفتنة والاقتتال وتفتيت اعضاء الجسد الواحد المنسجم بأداء وظائفه على احسن ما يرام وبتكامل رائع ومتقن لكافة ابناء الشعب بكل اطيافه ومذاهبه .  

3 ـ ان هذا التعديل خرق صريح لمبدئي استقلال القضاء والفصل بين السلطات المنصوص عليهما في المادتين  19 الفقرة اولا و 47 من الدستور العراقي لسنة 2005 . 

4 ـ ان هذا التعديل الحق محاكم الاحوال الشخصية بالمجلسين العلمي للإفتاء  في ديواني الوقفين الشيعي والسني وهذا ما يؤدي الى تعارض وتداخل بين واجبات القضاء وهاذين المجلسين من حيث الاجراءات واصدار القرارات والاحكام اتباعا لكل مذهب وفروعه التي هي كثيرة ومتعددة . 

5ـ ان هذا المقترح يتعارض مع نص المادة 14 من الدستور التي  تضمنت التأكيد على مساوات العراقيين امام القانون دون تمييز بسبب الجنس والعرق والقومية والمذهب. 

6 ـ انه يشكل مخالفة  صريحة لقرار مجلس الامن الدولي رقم 1325 المتعلق بالتشريعات التي تهدف الى الغاء التمييز ضد المراءة ويشكل نكسة لحقوقها وقيم المواطنة والمساوات بين العراقيين التي ضمنها قانون رقم 88.النافذ والمعمول به. 

7ـ ان مقترح التعديل عبارة عن نسخة معدلة لقانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي جوبه بمعارضة قوية عندما روج له من قبل الاحزاب الطائفية في حينه وتم رفض عرضه للمناقشة في المجلس. 

8ـ لا نتفق مع راي اللجنة القانونية في مجلس النواب بان مقترح التعديل غير ملزم وبإمكان المواطن الاختيار بينه وبين القانون . 

9 ـ ان المقترح عودة الى  تشجيع زواج القاصرات الذي يشكل جريمة بحق المراءة والمجتمع ومصادرة حق الاختيار لها.  

10ـ ان المقترح يمنح الولاية على المراءة البالغة مهما كانت منزلتها بيد الاب او الابن في حالة غياب الاب لأي سبب . 

11 ـ يمنع  مقترح التعديل حق الزوجة في الميراث للأراضي المملوكة لزوجها  كما يحرمها من المطالبة بالتعويض عن الطلاق التعسفي  ومن حضانة الطفل في حالة طلاقها .  

12 ـ في حالة اقرارمقترح مشروع التعديل بزواج البنت القاصر البالغة من العمر 9 سنوات فانه يشكل تخلفا انسانيا واجتماعيا ليس له مثيل . 

13ـ ان الجواز للمسلمين المشمولين بأحكام المقترح في حالة اقراره المتصمن تقديم طلبا الى المحكمة وفقا للمذهب الذي يتبعونه يعد من اخطر النصوص اثارة لانقسام المجتمع ويتعارض مع نصوص الدستور المتضمنة التأكيد على العدل والمساوات بين المواطنين .  

14ـ ان المقترح يخرق ويتعارض مع التزامات العراق الدولية كاتفاقية حقوق الطفل والتمييز ضد المرأة وانه يؤدي الى تراجع تشريعي في مجال حقوق الانسان . وهناك عدد غير قليل من الانتقادات والملاحظات لا يسعنا الاشارة اليها في هذا المقال المتواضع . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى