اللجنة القانونية

مصطلح العدالة الناجزة

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

العدالة هي التطبيق المنصف والعادل والسليم للوقائع دون التعسف في أستعمل الحق . والعدالة هي التخلي عن التمييز على أساس العرق والجنس والعقيدة عند صدور الإحكام والقرارات الجزائية والإدارية والمدنية من المحاكم ومؤسسات الدولة الأمنية والسلطوية .

 أما العدالة الناجزة فهي مصطلحا تم التداول فيه بين الدول والحكومات وكثيرا ما يشار إليه في الموتمرات والندوات القانونية والقضائية والدولية والوطنية ومنظمات حقوق الإنسان والمنظومات العدلية الدولية والإقليمية ومراكز العدالة المنتشرة في بقاع العالم . إلا أن العدالة الناجزة مازالت تتعثر لأسباب متباينة عديدة ومختلفة دون جدوى فطموح المواطن لتحقيقها مازال ينمو ببطء وتراخي دون اتخاذ إجراءات فعالة وملزمة من قبل السلطتين القضائية والتنفيذية والتشريعية .

والعدالة الناجزة  ضد الظلم والجور وهي أيضا الحكم بالحق وانجاز القضاء للدعاوى وحسمها بعدالة وسرعة لأنها من أهم حقوق المواطن والتزام على الدولة وواجب دستوري يصون حق التقاضي وتنفيذه وإيصال الحقوق إلى أصحابها في الوقت المناسب وسرعة الفصل في الدعاوى وتبسيط الإجراءات. وأن لايفهم إن تحقيق العدالة الناجزة يختص بها القضاء لوحده بل بالتضامن مع الحكومة ومؤسساتها التي تنفذ قراراته بحيادية وتمد يد المساعدة والعون في تنفيذ قراراته لأنها تملك الأجهزة التنفيذية لإنفاذ القانون . كما أن مجلس النواب يشارك في إصدار القوانين ذات العلاقة بالعدالة الناجزة وبإلغاء أو تعديل ما يتعارض معها شكلا ومضمونا وبالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى وبقية المؤسسات .

 وفي العراق فأن الأمر يتطلب صياغة تشريعات حديثة جنائية ومدنية وإدارية تجسد واقع الحال والمتغيرات التي تواكب حركة المجتمع وتطوير الأداء الإداري والتنفيذي للمحاكم بهدف فرض السيطرة المبكرة على الدعاوى ومراقبة صحة إجراءاتها . وأن التحول الالكتروني في عمل المحاكم ودوائرها والتواصل عن بعد أذا اقتضت الضرورة تسهم في انجاز  وتسريع حسم الدعاوى كالتبليغات وتبادل اللوائح ورأي الخبراء وفحص الأدلة المتوفرة في الدعوى . وصور العدالة الناجزة في المجتمعات عديدة منها العدالة القضائية التي تتمحور في إصدار عقوبات تتناسب مع خطورة  الجريمة وحق المواطن في محاكمة عادلة وعلنية.  وإما العدالة المتبادلة فهي التعويض عن الضرر وتسويته بالمعقول والممكن . وإما العدالة الاجتماعية فهي التوزيع العادل وتوفير فرص العمل وتوزيع الثروات وحماية ذوي الاحتياجات الخاصة وتمكين الأقليات على التعايش مع الجميع دون الأخذ بنظر الاعتبار الأكثرية والأقلية والغالب والمغلوب . وأما عدالة الأجيال فيقصد بها التناغم والتواصل والتفاعل بين الأجيال من خلال تطبيق العدالة المجتمعية بما يتناسب وعملية التطور والنقلات الشكلية والنوعية والموضوعية لأنشطة المجتمع في كل مجالات الحياة . ويبقى القضاء روح وقلب العدالة الناجزة والداينمو المحرك لها ويقع على عاتقه أنجاز الدعاوى في وقتها وإلا فسيخسر أطراف الدعوى من العدالة الشيء الكثير . في عام 1987 عندما تذمر المواطنين من تأخير حسم الدعاوى بادر مجلس قيادة الثورة بإصدار قراره المرقم 669 في 23/ 8/ 1987 الفقرة (2) التي ألزمت  وزارة العدل إصدار تعليمات السقوف الزمنية الخاصة بحسم الدعاوى في المحاكم وبالفعل صدرت التعليمات (رقم 4 لسنة 1987) التي أثمرت نتائج في غاية الأهمية وتم القضاء على ظاهرة تأخير إجراءات حسم الدعاوى في حينه . وحتى ألان لم يلغى أو يعدل هذا القرار وحسب علمي أن عددا من المحامين يرفعون طلبات إلى القضاة  تتضمن تسريع حسم الدعاوى ويستندون إلى هذا القرار عند تأخير دعاوى موكليهم وحجتهم أن تعليمات القرار ماتزال قائمة وسارية المفعول.

ولكي يساهم مجلس القضاء الأعلى في معالجة التباطؤ المؤدي إلى التأخير  في حسم الدعوى نرى:

  أولا ـ تفعيل هذه التعليمات وتوجه القضاة للعمل بها أو إصدار تعليمات جديدة بشان تسمية المحاكم والسقوف الزمنية والعقوبات الإدارية بما يتوافق والمرحلة الحالية والمستقبلية .

 ثانيا ـ من الضروري إشراك نقابة المحامين بالمواضيع ذات العلاقة بعمل المحامين باعتبارهم القضاء الواقف وأستمزاج أرائهم في مشاريع القوانين المقترحة من قبل مجلس القضاء الأعلى .

 ثالثا ـ ليس هناك نص دستوري أو قانوني يمنع تطبيق القرارات والقوانين والتعليمات على اعتبار أنها صادرة في زمن النظام السابق أذا كانت عادلة ومنصفة وتصب في تحقيق العدالة الناجزة ولم تلغى أو تعدل .

 رابعا ـ يبقى القضاء عادلا وقويا ومستقلا وضامنا للحقوق والحريات لا يتغير بتغير الأنظمة والأزمنة والحكومات المتعاقبة وانه أحد أبرز مقومات العدالة الناجزة .

 خامسا ـ تأسيس قسم في رئاسة الادعاء العام يتولى تنظيم جداول إحصائية بعدد الدعاوى المسجلة والمحسومة والمتأخرة منها دوريا ولكل ثلاثة أ شهر في الأقل ومن ثم عرضها على مجلس القضاء الأعلى للوقوف على أسباب التأخير بغية اتخاذ خطوات المعالجة ووضع الحلول المطلوبة .

 سادسا ـ ضرورة التنسيق المتكامل بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل في مواضيع منها على سبيل المثال :

 ـ التحول الالكتروني في أدارة جلسات المحاكمة.

 ـ والعمل بالعقوبات المجتمعية.

 ـ وتفعيل المساعدة القانونية وإجراءات  الكاتب العدل المرخص.

 ـ واعتماد الأسورة الكترونية كبديل عن التوقيف في الجنح البسيطة والمخالفات.

 ـ ومشروع المحاكمة عن بعد.

 ـ وتطوير مراكز الخدمات الشاملة بجودة عالية للتسهيل على المواطنين واختصار  الوقت و الجهد الذي يغذي متطلبات العدالة الناجزة .  

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى