اللجنة القانونية

مبدأ شخصية العقوبة

مبدأ شخصية العقوبة

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

يقصد بمبدأ شخصية العقوبة ان لا تطال العقوبة لغير الجاني الذي اعترف بالجريمة وثبتت مسؤوليته عنها ولأهمية هذا المبدأ نجد ان معظم الدساتير تضمنته حرصا منها على التقليل قدر الامكان من أثارها التي يجب ان لا تتعدى الى غير الجاني فاعلا ام كان شريكا او محرضا .

لقد ورد هذا المبدأ في دستور 2005 حيث نصت المادة ( 19 / ثامنا ) (العقوبة شخصية ) والتي تشمل العقوبة الاصلية البدنية ومنها عقوبة الاعدام والعقوبات السالبة للحرية والمالية .

والعقوبة الجزائية تعرف بأنها جزاء جنائي يتضمن ايلاما مقصودا يقرره المشرع ويوقعه القاضي على من تثبت مسؤوليته عن الجريمة . ومن خصائص هذه العقوبة ان تصدر عن القضاء وفقا للقانون وان تكون شخصية وان تحقق المساواة والعدالة وان تكون واحدة بالنسبة للجميع عند صدورها .

والعقوبة الشخصية يجب ان تضمن أن لا توقع العقوبة الا على الشخص الذي ارتكب الجريمة أو ساهم فيها وتعتبر شخصية العقوبة نتيجة عادلة ومنطقية ومتوافقة مع مبدأ شخصية المسؤولية الجزائية التي أجمعت عليها التشريعات الحديثة كافة بخلاف ما كانت عليه في العصور الغابرة حيث كانت العقوبة تمتد الى غير الجاني من أفراد أسرته وأقربائه أو عشيرته أوكل من يمت صلة به .

كما يترتب على شخصية العقوبة انه اذا توفي الجاني قبل الحكم انقضت الدعوى الجنائية وكذلك اذا توفي الجاني بعد الحكم وقبل تنفيذه أو استحالة تنفيذ العقوبة فيه لأي سبب كان . وبالتالي لا يجوز ان تنفذ العقوبة في أحد ورثته او في احد مما ذكر في اعلاه ونضيف ان اقرار مبدأ الشرعية ينسجم تماما مع تطبيقات شخصية العقوبة التي يجب مراعاتها عند التحقيق والمحاكمة ومنها

ـ ان حق التجريم والعقاب من اختصاص السلطة التشريعية

ـ لا يجوز تطبيق نص التجريم والعقاب بأثر رجعي الا أذا كان لمصلحة الجاني

ـ لا يجوز القياس في  مجال التجريم والعقاب

ـ ضرورة تفسير التجريم والعقاب في اضيق الحدود

ـ ان  تأخذ  العقوبة بنظر الاعتبار الجانب الانساني وان لا تمس كرامة المحكوم عليه.

وهذه الحالة تضمنتها الدساتير والقوانين الجزائية والمعاهدات الدولية والمواثيق الدولية والمادة الخامسة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1948 الذي حضر توقيع العقوبات ( لا يجوز إخضاع شخص للتعذيب او العقوبات او معاملة قاسية او غير انسانية او مهينة ) وان لا تلاحق العقوبات التبعية والاجراءات الاحترازية والقيود والشروط غير المحكوم عليه وان تكون خالصة به. ولا تضر بالورثة حيث كان أذاها يمتد الى أقرباء المحكوم عليه وكل من تربطه به صلة وحتى الأصدقاء وبالذات في الجرائم السياسية والامنية التي تهدد انظمة الحكم مهما كانت طبيعتها فالانتهاكات خطيرة وكبيرة بحق اسرة المحكوم عليه وحتى الدرجة الرابعة كمصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة او حجزها دون وجه حق .

اما في حالة بقاء المتهم هاربا فيتم أيداع احد أفراد اسرته في التوقيف او الحجز والضغط عليه بالإكراه والتعذيب بشتى الوسائل لحين تسليم الهارب نفسه.

ان هذه الاساليب والاجراءات تتقاطع تماما مع نصوص الدستور العراقي المتعلقة بالحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني منه وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 وتعديلاته ( الباب الرابع / التحقيق الابتدائي ) وانتهاك لشخصية العقوبة الواردة في الدستور .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى