اللجنة القانونية

كورونا واجراءات تطبيق العدالة

 

كورونا واجراءات تطبيق العدالة

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

مع بدايات ظهور كورونا لم تكن الحكومة العراقية قد اتخذت الاجراءات الكفيلة للتصدي لهذا الوباء بل اكتفت بالمراقبة والوقوف في محطات الانتظار ومن ثم لتقرر .

الا ان سرعة انتشار كورونا في عموم دول العالم ودخوله العراق وظهوره في العاصمة والمحافظات الزمها اتخاذ خطوات وقائية جدية ولكن بعد فوات الاوان فبدأت بتشكيل خلية الازمة في كل محافظة وكان ذلك في 25 / 2 / 2020 حيث اصدرت تعليمات وقرارات لا يقاف انتشار هذا الوباء شملت المواطنين بضرورة الالتزام الا ان الملاحظ ان هناك تراخي وضعف من الاجهزة المسئولة عن التنفيذ وغياب الوعي الصحي بخطورة هذا الوباء وتحدي الحكومة لعدم الثقة بها والفوضى الاعلامية غير الحكومية في نشر الاحصائيات اليومية وعدم كفاية المواد الطبية ومستلزمات الوقاية والعلاج وغيرها .

كما شملت القرارات والتعليمات مؤسسات الدولة ومن الطبيعي ان يكون ( للقضاء والادعاء العام ونقابة المحامين ) دوراً مهماً في التفاعل مع قرارات الخلية وتعليماتها والتنسيق معها واصدار ما يضمن تطبيق ما يصدر عنها .

لقد تفاعل مجلس القضاء الاعلى وشكل لجانا تتولى تدقيق قضايا النزلاء لغرض تبيض السجون التي كانت تظم اكثر من ضعف طاقاتها الاستيعابية مع تداعي بنيتها التحتية التي اصبحت بؤرا وبيئة خصبة لوباء كورونا وفي ضوء توجيهات المجلس قررت اللجان في نيسان الماضي اطلاق سراح (20040) نزيلاً وسبق ان قررت محاكم التحقيق ومحاكم الجزاء اخلاء سبيل اعدادا كبيرة من الموقوفين على ذمة التحقيق والمحاكمة بالإفراج وبالكفالة في العاصمة وكافة المحافظات وشملت حتى العقوبات الانضباطية  مع مراعات الجواز القانوني وتلافي اختلال الحقوق بين الخصوم الا ان القرارات لم يتم تنفيذها على معتقلي التظاهرات وكذلك المحتجزين والمعتقلين التي لم تتوصل اللجان الى معرفة اماكنهم .

ثم وجه المجلس القضاة اتخاذ الاجراءات القانونية ضد كل من يخالف تعليمات خلية الازمة وتوقيف المخالفين واحالتهم على المحاكم المختصة وفقا للقانون وتوقيف من يخالف قرار حظر التجوال .

كما اقام المجلس ورشة للتوعية من كورونا لموظفي المجلس واصدر تعميما للقضاة بتفعيل المادة (368) من قانون العقوبات ضد كل من يتسبب بنشر كورونا واتخاذ الاجراءات القانونية ضد المصابين الممتنعين عن تقديم المعلومات الى الجهات الطبية المختصة وفرض عقوبة الحبس ضد كل من يرتكب عمداً فعلاً من شأنه نشر مرضا خطيرا بحياة الافراد.

كما قرر المجلس أيقاف سريان المدد القانونية الخاصة بالطعون في الاحكام والقرارات واعتبار طيلة فترة تعطيل الدوام الرسمي فترة انقطاع للمرافعة لكافة الدعاوى لحين زوال السبب. وتكريم القضاة واعضاء الادعاء العام المتميزين خلال هذه المرحلة الحرجة وفي ايلول قرر المجلس فتح ابواب المحاكم لغرض التأهيل .

هذه هي بعضاً من الاجراءات التي اتخذها المجلس لحماية المواطنين وكان للادعاء العام دوراً ريادياً مميزاً في مراقبة تطبيق القوانين الخاصة بوباء كورونا وترأس عددا من لجان العفو ومتابعة اخلاء سبيل الموقوفين وتكثيف الزيارات الميدانية للمواقف والسجون والمعتقلات كما وجه رئيس الادعاء العام الجهات الامنية باتخاذ الاجراءات القانونية بحق أصحاب الصيدليات والمذاخر التي رفعت اسعار المواد الطبية وضاعفت اسعار الكمامات ومواد التعقيم .

نقف عند هذا الحد فهناك الكثير من المهام المضنية والمتعبة التي لا يسع هذا المقال احتوائها وتسليط الضوء عليها . اما نقابة المحامين المعروفة بمواقفها الوطنية والانسانية فقد بادرت الى صرف مبلغ مليوني دينار لكل مصاب او متوفي بسبب كورونا كما رفعت مذكرة الى الحكومة للمطالبة بعفو عام في اطار الدستور والقوانين النافذة خشية تسرب كورونا نتيجة اكتظاظ السجون بالنزلاء كما تولت عملية التنسيق بمعالجة النزلاء العرب والاجانب مع ضمان تنفيذ محكوميتاهم في دولهم واعتماد الاتفاقيات الدولية تحت رقابة واشراف أممية .

كما تكفلت النقابة بتحمل كافة قضايا المتعافين من كورونا وبشكل مجاني وفي كافة الدعاوى وساهمت النقابة وبالتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى في تطبيق كل ما يصدر عنه من قرارات وتوجيهات ناهيك عن تكليف المحامين التوكل المجاني لعدد غير قليل من المتهمين الذين ليس لديهم القدرة المالية لدفع اتعاب المحاماة . واذا ما انتقلنا الى المواقف الوطنية نجد ان النقابة كانت السباقة في المشاركة في معظم الانتفاضات والاحتجاجات والثورات الوطنية التي مر بها العراق واخرها انتفاضة تشرين حيث تدفق المحامون الى مراكز التوقيف والاعتقال للدفاع عن شباب الانتفاضة دون مقابل في حين تعرض البعض منهم الى عمليات الخطف والاحتجاز والاغتيال فقامت النقابة بتكريمهم ورعاية عوائلهم ماديا ومعنويا  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى