اللجنة القانونية

قضايا عراقية بعيون غربية / القضية رقم 1

“فهم تفكير الاخر قد يكون مفيدا”

ترجمة واختصار وتحرير اسبوعي

لمقالات منشورة باللغة الإنكليزية حول العراق

المحامي الاستاذ صباح المختار

نائب الأمين العام للمنتدى العراقي للنخب والكفاءات

القضية رقم 1

الغاء الكونغرس الأمريكي ترخيص الرئيس استعمال القوة

خلاصة لعدد من المقالات مدرج رابطها في النهاية

مساء يوم الأربعاء 29/3/2023 صوت مجلس الشيوخ الأمريكي بغالبية 66 ضد 30 لإلغاء التخويل الذي منح للرئيس الأمريكي صلاحية اعلان الحرب وتخويله ارسال الجيش الأمريكي دون الحاجة لموافقة السلطة التشريعية.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والعديد من المشرعين والمدافعين من الحزبين الأمريكيين قد أعلنوا إنهم يريدون إلغاء التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد العراق (AUMF).

وقد يبدو هذا الموضوع والاجراء لغالبية الناس خصوصا خارج أمريكا غير مهم، ولكن في الحقيقة ان هذا التصويت له أهمية كبرى على المستوى الأمريكي وأكثر من ذلك على المستوى الدولي.  ولإيضاح الامر للقارئ يمكن تلخيص الامر كما يلي:

 

  • تنص الفقرة الثامنة من المادة الأول من الدستور الأمريكي ان للسلطة التشريعية الصلاحية الحصرية لإعلان الحرب وتحديد العدو وتحريك القوات المسلحة وارسال الجنود الى خارج أمريكا.
  • لإشراك الجيش الأمريكي في صراع بالخارج، اعتمدت الإدارات الرئاسية على المادة 2 من دستور الولايات المتحدة، التي تمنح صلاحيات حرب محدودة للسلطة التنفيذية التي تناط مسؤوليتها بالرئيس الأمريكي الذي يعتبر القائد الأعلى للجيش والبحرية. التشريعات التي أقرها الكونجرس في هذا الشأن (العمال العسكرية) والتي تسمى عادةً “تراخيص استخدام القوة العسكرية” (Authorization for Use of Military Force). (AUMF)
  • بعد احتلال العراق للكويت في 2 آب 1990 أصدر الكونغرس بتاريخ 14 كانون ثان 1991 تخويلا للرئيس جورج دبليو بوش باستعمال الجيش الأمريكي لتحرير الكويت.
  • في عام 2002 قامت الإدارة الامريكية بخلق سلسلة من الأكاذيب ونشرها داخليا ودوليا وجيشت الاعلام وحرضت الدول الاخرى ضد العراق. اذ أعلنت ضلوع العراق بأحداث 11 سبتمبر 2001 وارتباط العراق بالقاعدة وحيازته أسلحة الدمار الشامل وقدرة الصواريخ العراقية التي تحمل أسلحة كيمياوية الوصول الى اوروبا خلال 45 دقيقة.
  • في ظل هذا الجو المشحون بالدعوة الى الحرب أصدر الكونغرس الأمريكي تخويلا للرئيس الأمريكي باتخاذ قرارات والقيام بإعمال عسكرية ضد العراق دون الرجوع للكونغرس وقد تم التوقيع على التفويض من قبل الرئيس السابق جورج دبليو بوش في عام وأصبح نافذا بتاريخ 16 تشرين اول 2002. بذا فقد تخلت السلطة التشريعية عن صلاحياتها واعتبر العديد من رجال القانون ان هذا التشريع الأكثر عارا اذ خول الرئيس الأمريكي اتخاذ قرارات استعمال القوة العسكرية دون الرجوع الى الكونغرس. مما مكن الولايات المتحدة ارسال اكثر من نصف مليون جندي أمريكا الى السعودية لمهاجمة العراق.  ثم قامت أمريكا بغزو واحتلال العراق حيث دخلت “الحرب على الإرهاب” التي شنتها الولايات المتحدة على مدى عقدين من الزمان على قدم وساق.
  • الكونجرس الأمريكي، الذي يمتلك السلطة الدستورية الوحيدة لإعلان الحرب، لم يفعل ذلك منذ عام 1941 عندما وافق على تصريحات ضد اليابان في أعقاب هجمات بيرل هاربور، وبعد أيام، ضد ألمانيا التي كان يسيطر عليها النازيون وإيطاليا المتحالفة مع المحور.
  • خلال العشرين سنة الماضية (2002-2023) استعمل الرؤساء الأمريكان هذا السند بشأن العراق لاستعمال القوة رغم خضوع العراق بالكامل للاحتلال العسكري الأمريكي ولم يقتصر الامر على العراق فقط كما كان الهدف وانما تعداه الى سوريا وليبيا وايران. بينما كان القصد المعلن للتشريع هو تخويل الرئيس تغيير نظام الحكم الوطني العراقي وفق “قانون تحرير العراق” الذي سبق وان وقعه الرئيس كلينتون في 31 أكتوبر 1998.  ورغم ان أمريكا لم تقم فقط بتغيير النظام واحتلال العراق خلافا لأحكام القانون الدولي، ولكنها سمحت لإيران باحتلاله وعينت حكومة عميلة لإيران خلاف لاتفاقيات جنيف بخصوص سلطات الاحتلال في الأراضي المحتلة.

 

منذ أكثر من سنتين والمحاولات كانت مستمرة لإلغاء التخويل بهدف استعادة سيادة الكونغرس، ولكن صقور الحرب كانوا يعارضونها وكذلك ومؤيدو الرئيس (أيا كان) لإبقاء سلطة الرئيس غير مقيدة.  ورغم ان القرار كان استثنائيا وان مبرراته قد انتهت منذ سنوات طويلة مما يتطلب اصدار تشريع بإلغائه.  وحيث انه غير محدد المدة لذا وجب اتخاذ قرار مباشر وواضح بإلغائه.

 

المناقشات التي جرت خلال شهر اذار أظهرت تعدد اهداف أعضاء الكونغرس.  المناقشة بدت وكأنها تدور حول الخطر الإيراني حيث ان (العراق ذكر 116 مرة وإيران 73 مرة).  البعض كان يهدف استعادة سيادة الكونغرس من الرئيس بعد فضيحة تحريض الرئيس ترامب مناصريه لمهاجمة واحتلال مبنى الكونغرس.

البعض الاخر يهدف لتقليل احتمال ارسال الجيش الأمريكي للقتال خارج أمريكا خصوصا مع تأييد الرئيس بايدن الواسع لأوكرانيا استجابة لصقور السياسة الامريكية والذي أصبح ينذر بالخطر.  البعض كان يخشى من استمرار توسع الرؤساء بصورة عامة في الاستناد للقرار فيما لا علاقة له بتدمير العراق كما حصل في التدخل في ليبيا ومهاجمة سوريا وقتل الإيراني سليماني في العراق.  وكما ذكر أحد كبار القادة السياسيين ان هناك ضرورة “اتخاذ إجراء والا فقد نخاطر بحرب كبرى دون تفويض من الكونجرس”.

وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب قد استخدمت مخطط إدارة القوات الجوية العراقية لعام 2002، جزئيًا، لتبرير الضربة القاتلة بطائرة بدون طيار للجنرال الإيراني قاسم سليماني في ضواحي العاصمة العراقية بغداد في أوائل عام 2020.

 

يقول مؤيدو الإلغاء بمن فيهم ما يقرب من 20 عضوًا من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، إن الإلغاء أمر حاسم لمنع الانتهاكات في المستقبل.  وعلن اخرون ان العراق أصبح الآن شريكًا استراتيجيًا وليس عدوا لذا لم تعد هناك حاجة لهذا التخويل الاستثنائي.  في حين يقول المعارضون إن الإلغاء قد يظهر ضعفًا في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة صراعًا في الشرق الأوسط.  رغم ان هذا التخويل تم ادانته بشكل متزايد من قبل النقاد لإعطائه السلطة التنفيذية الأمريكية سلطات عسكرية واسعة وغامضة بشكل خطير.

قال الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل ، “أعداؤنا الإرهابيون لم ينهوا حربهم ضدنا وعندما نعلن موقفنا بطريقة مؤذية، فسنحتاج إلى تزويدهم بكل الدعم والسلطات القانونية التي نستطيع.”

 

في مجلس النواب، انضم 49 جمهوريًا إلى الديمقراطيين في دعم مشروع قانون مماثل.

قال النقاد إن سبب وجود القوات الأمريكية في العراق (AUMF) أصبح مشكوكًا فيه بشكل متزايد بعد أن أنهت الولايات المتحدة رسميًا عملياتها القتالية في العراق، في عام 2011، ولكنها شهدت بعد ذلك ارتفاع عدد القوات الأمريكية في العراق إلى 170.000 بالإضافة إلى العمليات القتالية هناك ضد داعش (داعش) في عام 2021.

 

أن العديد من المشرعين رغم الانقسام السياسي يريدون حقًا أن يروا الكونجرس يتخذ القرار وليس الرئيس الذي يقرر متى وأين وضد من تذهب الولايات المتحدة إلى الحرب.

 

كما يرى بعض السياسيين ان الغاء قراري مجلس الشيوخ الأميركي تفويض الرئيس الأمريكي شن الحرب على العراق في الأعوام 1991 و2003 يعطي الانطباع ان الكونغرس غير منقسم وان الجمهوريين والديمقراطيين يعملون معا وأكثر اتحادا.  وأيضا يراه منتجي الأسلحة فرصة لرفع القيود عن بيع السلاح للعراق باعتباره “دولة صديقة”.

 

ولكن هل سيكون لهذا الاجراء أي اثر على القوات الامريكية الموجودة في العراق حاليا؟ الجواب هو بالنفي اذ ان القوات الموجودة في العراق الان او مستقبلا فقد تستند الى طلب من الحكومة العرقية وان لم يطلب العراق وشعرت أمريكا بخطر على مصالحها فتستطيع الاستناد الى الاتفاقية العراقية الامريكية لعام 2008 وذلك “بإقناع الحكومة بان تطلب ذلك”.

 

وعند السؤال عن سبب التأخر في الغاء التخويل بدلا من الغائه بعد الاحتلال فان الجواب هو أولا استمرار المقاومة العراقية الى ان اضطر الرئيس اوباما الى سحبها نهاية عام 2011.  يضاف الى ذلك استمرار الإدارة الامريكية في محاولة تقسيم العراق الى ثلاث دويلات شيعية وسنية وكردية على غرار تقسيم يوغسلافيا وفقا لمشروع القرار الذي قدمه السناتور جو بايدن (الرئيس الأمريكي الحالي) والسناتور غليب بتاريخ 26/9/2007 والذي هو في الحقيقة استمرارا لسياسة فرض مناطق حضر الطيران (شمال خط العرض 36 وجنوب خط العرض 32) اثناء فترة الحصار وهذه الخطوط تاريخيا هي بين ولايات الموصل وبغداد والبصرة اثناء الحكم العثماني.

 

 

  1. https://www.theguardian.com/us-news/2023/mar/29/us-senate-iraq-war-powers-vote
  2. https://www.lawfareblog.com/how-2002-iraq-aumf-got-be-so-dangerous-part-1-history-and-practice?utm_campaign=wp_the_5_minute_fix&utm_medium=email&utm_source=newsletter&wpisrc=nl_fix
  3. https://www.lawfareblog.com/how-2002-iraq-aumf-got-be-so-dangerous-part-2-interpretation-and-implications
  4. https://www.lawfareblog.com/how-2002-iraq-aumf-got-be-so-dangerous-part-2-interpretation-and-implications
  5. https://www.washingtonexaminer.com/news/senate/aumf-mirage-republicans-hawkish-war-powers-support-repeal?utm_campaign=wp_the_5_minute_fix&utm_medium=email&utm_source=newsletter&wpisrc=nl_fix
  6. https://www.defenseone.com/policy/2014/09/obamas-dramatic-reversal-bushs-laws-war/94169/
  7. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9_2008
  8. https://edition.cnn.com/2014/07/07/world/meast/iraq-division-lister/index.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى