اللجنة القانونية

قانون مكافحة الاتجار بالبشر

قانون مكافحة الاتجار بالبشر

رقم ( 28 لسنة 2012 )

المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

من الملفت للنظر أنه بعد احتلال العراق 2003 ظهرت جرائم جديدة ذات خطورة بالغة منها جرائم العنف الأسري والإخفاء ألقسري والدعارة وتجارة الأعضاء البشرية والابتزاز والفساد المالي والإداري والرشوة وغيرها من الجرائم التي لا تعد ولا تحصى . ومع انتشار ظاهرة الاتجار بالبشر  بصورها المختلفة والتي تتمحور مابين استغلال القاصرين للعمل في التسول وإجبار النساء في شبكات الدعارة والمجون وبسبب ارتفاع جرائم الاتجار تحرك مجلس النواب وأقر قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم (28 لسنة 2012 ) ولكن بعد فوات الأوان .على كل حال فقد صدر القانون وتم العمل به وقد شرع القانون لأسباب منها أن الاتجار من الجرائم الخطيرة التي يطلق عليها تسمية (البضاعة الناعمة ) وأنها لم تنحصر في أشخاص محددين أو مدن معينة وأنما شملت مدنا أصبحت تدار من قبل منظمات دولية وإقليمية .

وألان لنستعرض مواد هذا القانون وبشكل موجز وبالذات المواد ذات الأهمية، في المادة (1/ أولا ) أوجزت التعريف والمقصود بالاتجار بالبشر والحالات المشمولة بهذه الجريمة كتجنيد الأشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو باستخدام التهديد بالقوة والإكراه  والقسر أو الاختطاف أو الخداع إلى غير ذلك . وفي ( الفقرة / ثانيا ) ألزمت الحكومة بتعويض المتضرر ماديا ومعنويا عن الإضرار الناجمة عن الجريمة .

وتضمنت المادة (2) تشكيل لجنة في وزارة الداخلية تسمى ( اللجنة المركزية لمكافحة الاتجار بالبشر)، وإما المادة (3) أن تتولى اللجنة تحقيق أهداف هذا القانون منها وضع الخطط والبرامج لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر وتقديم التوصيات وأعداد التقارير والتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية واقتراح الإجراءات المناسبة لمساعدة ضحايا الاتجار والقيام بحملات توعية وتثقيف وإصدار تقرير سنوي والسعي لانضمام العراق إلى الاتفاقيات الدولية بمكافحة الاتجار .

في المادة (4) تضمنت تشكيل لجنة فرعية في كل إقليم أو محافظة يرأسها المحافظ تسمى اللجنة الفرعية لمكافحة الاتجار بالبشر على أن ترفع توصياتها إلى اللجنة المركزية وتحدد بتعليمات تصدر عن رئيس اللجنة المركزية مواعيد اجتماعات ونصاب انعقادها واتخاذ القرارات وسير العمل فيها . في حين  تضمنت المواد (5 و6 و7 و8 و9) العقوبات لمرتكبي هذه الجريمة بدأ (بالحبس ثلاثة سنوات إلى عقوبة الإعدام وبغرامات مالية بدأ بخمسة ملايين دينار إلى خمسة وعشرون مليون دينار).

إما المادة (10) فقد نصت ( لا يعتد بموافقة ضحايا جريمة الاتجار بالبشر في كل الأحوال) في المادة (11) ألزمت دوائر الدولة المعنية بمساعدة ضحايا الاتجار بالبشر مع مراعاة الاحتياجات الخاصة للأطفال وقد تضمنت هذه المادة احد عشر فقرة (عرض الضحايا على طبيب مختص . تقديم المساعدة اللغوية لغير العراقيين . تقديم المساعدة والمشورة القانونية والمعلومات الإرشادية. تأمين الاتصال بعوائهم أن وجدت في العراق أو الدولة التي يحملون جنسيتها . وتوفير الحماية اللازمة للضحايا والشهود . والحفاظ على سرية المعلومات المتعلقة بالضحايا واحترام خصوصياتهم وصون كرامتهم . وتوفير المساعدة للضحايا وتوفير مكان سكن مؤقت لهم . وإعادة تأهيل الضحايا من النواحي الاجتماعية والنفسية والبدنية من خلال إنشاء مراكز إيواء وتأهيل متخصصة . وتوفير فرص عمل والتدريب والتعليم . وتسهيل عملية إقامتهم في العراق بمنحهم تأشيرات الدخول والإقامة بشكل مؤقت في العراق . وتقديم الدعم الدبلوماسي للضحايا من غير العراقيين لتسهيل عملية إعادتهم إلى بلدانهم .

في حين نصت المادة (12) على سريان أحكام قانون العقوبات رقم (111لسنة 1969) وفي كل وما لم يرد فيه نص خاص في هذا القانون . وفي المادة (13) خولت وزير المالية إصدار تعليمات لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون . إما الأسباب الموجبة فهي (بهدف مكافحة جريمة الاتجار بالبشر والحد من انتشارها وأثارها ومعاقبة مرتكبي هذا الفعل الخطير الذي يهين الكرامة الإنسانية . وبغية وضع الآليات التي تكفل مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر) شرع هذا القانون .

أسباب الظاهرة

أن من أهم الأسباب التي أدت إلى تفاقم ظاهرة الاتجار بالبشر عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي نتيجة أنشطة التنظيمات المسلحة واستغلال السلطة والمشاركة الفعلية بادرتها وضعف وتراخي الأجهزة الشرطية والأمنية في التصدي لهذه الجريمة . كما أن المعاناة والظروف الاقتصادية السيئة دفعت عدد غير قليل من الأسر المتاجرة بأبناهم نتيجة حدة ألفقر والعوز والبطالة . أن المتابعة الجدية لشبكات الاتجار من قبل جميع أجهزة الدولة وبالذات المختصة في تعقب جذور هذه الجريمة واتخاذ الإجراءات الفورية والصارمة التي تحد من تفشي هذه الظاهرة ونموها وانتشارها يودي إلى نتائج ايجابية . أن بدايات هذه الظاهرة كانت أن أعدادا كبيرة عرضوا أجزاء من أعضائهم للبيع لضمان الحصول على الاحتياجات الضرورية لأسرهم بسبب الافتقار للموارد المالية ولا يمتلكون دخلا ثابتا  كما إن الدور السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي في التصيد في الماء العكر بالاستدراج والإغراء والوعود بتلبية رغبات وهمية وخبيئة عمقت وجذرت هذه الجريمة وضاعفت من أعدادها . ويبدو أن هذه الظاهرة معقدة ومتداخلة تتسع لعوامل ومسببات كثيرة لذلك على الحكومة الشروع في اتخاذ خطوات تساهم في الحد من تفشي هذه الجريمة الخطيرة واتخاذ إجراءات جريئة ورصينة وشديدة لمنع العصابات المسلحة من تجنيد الشباب والأطفال . وتشكيل فرق متخصصة تعمل بحرفية وأستباقية منعا لوقوع الجريمة واعتماد الأساليب العلمية وأدواتها وكذلك مشاركة المصادر الطوعية والموثوق بها في تزويد فرق الرقابة والمتابعة بالمعلومات فهي المعين الدائم الذي لا ينضب .

الملاحظات والمقترحات

أولاـ بما أن الفقر والعوز هو احد الدوافع المؤثرة في ارتكاب هذه الجريمة أذآ على الحكومة أن تفكر بتأسيس صندوق لتعويض الضحايا وأسرهم وإضافة الصندوق إلى أحد أبواب الموازنة العامة .

ثانيا ـ حسنا فعل المشرع بشمول الأشخاص المعنوية بهذا القانون فالكثير من يرتكب هذه الجريمة باسم الشخص المعنوي أو لحسابه ولا يسأل . وأن هناك تراخيا وقصورا في إجراءات التحقيق للكشف عن هوياتهم بغية التوصل إليهم ولأسباب كثيرة .

ثالثا ـ ولتحقيق الردع العام والخاص كان على المشرع شمول جريمة التسول بهذا القانون لأنها البداية في انتشار جريمة الاتجار بالبشر وللحد من خطورتها قبل تفاقمها ووضع الآليات المناسبة للمعالجة الممكنة .

رابعا ـ لم يلزم المشرع وزارة الداخلية والجهات ذات العلاقة بدعم تطبيق القانون ولم يوفر أرضية ملائمة لمكافحة الجريمة اقتصاديا بل اكتفى بوضع تعريفات وعقوبات أفضت على القانون الطابع الإداري والإنساني والاجتماعي من خلال تشكيل أكثر من لجنة مركزية وفرعية .

خامسا ـ  كان على المشرع النص صراحة بعدم شمول المحكومين بأي عفو عام أو خاص أو رفع العقوبات التبعية كالحجز والمصادرة في دوري التحقيق القضائي والمحاكمة لحين صدور الحكم النهائي .

سادسا ـ نقترح على منظمات المجتمع المدني ونقابة المحامين والمؤسسات القانونية والتعليمية عقد ندوات ومؤتمرات لتسليط الضؤعلى خطورة هذه الجريمة والإضرار الناجمة عنها وبحضوراعلامي مكثف  وبمشاركة المؤسسات الحكومية المعنية بذلك .

سابعا ـ كما نقترح على مجلس الوزراء تأسيس مكتب متخصص لمتابعة هذه الجريمة إقليميا ودوليا ومنحه صلاحيات لغرض الإشراف والتنسيق والمتابعة مع اللجنة المركزية وفروعها المشكلة بموجب هذا القانون .

ثامنا ـ على الحكومة الإسراع في تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي بشكل عام بتوفير فرص العمل وتحديدا للشباب وخريجي الجامعات وبذل الجهود للقضاء على البطالة وبشتى الوسائل المتاحة .

تاسعا ـ ينبغي على المشرع إضافة نصا عقابيا مشددا خاصا لمقاضاة المتورطين والمشاركين في هذه الجريمة من المسئولين الحكوميين العاملين في القطاع العام أو المختلط وتغليظ العقوبة بحقهم .

عاشرا ـ ونرى أن وظيفة مجلس النواب لا تتحدد في تشريع القوانين فحسب بل الوقوف على مديات ونتائج التطبيق من خلال تشكيل فرقا ميدانية للمتابعة وحصد الايجابيات والسلبيات أن وجدت وعرضها على المجلس لمناقشتها كلما دعت الضرورة إلى ذلك .

احد عشرـ ضرورة أعادة عرض القانون على مجلس النواب لمراجعته وإجراء التعديلات بالإلغاء أو بالتعديل لعدد من مواده بعد مضي أكثر من عشر سنوات على تطبيقه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى