اللجنة القانونية

قانون الادعاء العام

المستشار : سعيد رشيد نعمان

عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

يعتقد الكثير من اعضاء مجلس النواب ان نجاح المجلس يرتبط بعدد القوانين التي يصدرها خلال الفترات التشريعية  دون النظر الى الحالات والقضايا التي تتناولها هذه القوانين وتضمينها المعالجات والحلول التي يحتاجها المجتمع عن طريق التشخيص والرصد و الممارسة والخبرة والمران التي لابد من توافرها في لجنة الصياغة التي تتولى تحديد الاهداف والمفاهيم والمبادئ للقوانين المراد اصدارها .

ويبدو ان هذا غير متوافر في اعضاء لجنة الصياغة واغلبية اعضاء المجلس فعدد الذين  يناقشون نصوص القوانين قبل صدورها لا يتعدى اصابع اليد اما بقية الاعضاء فلا يعرفون سوى رفع اليد عند التصويت وبناء على اوامر وتوجيهات من الكتلوالاحزاب المنتمين اليها لذلك نجد ان معظم القوانين التي صدرت عن المجلس أحدثت شرخاً كبيرا في بنية المجتمع والوحدة الوطنية ولم تعالج او تضع حلولاً لمشاكل المواطن واحتياجاته  واصبح العراق في مصاف الدول الفاشلة.

وقبل اشهر اصدر المجلس  قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017  الذي الغى القانون رقم 159 لسنة 1979 مع ان نصوص القانون السابق  ترسخت واستقرت واعتاد أغلبية اعضاء الادعاء العام على متابعتها وتطبيقها على الرغم من ضعف المتابعة والرقابة والجدية ولأسباب معروفة للجميع وبالذات في محيط الوسط القضائي والقانوني  ومنها  وجود فارق كبير بينهم وبين القضاة من حيث الامتيازات المادية والمعنوية التي تمنحها الدولة ونظرة المجتمع المتخلفة الى دور الادعاء العام في ترسيخ العدالة والدفاع عن الحقوق ورغم تعالي الاصوات  بضروه المساوات آلا ان ذلك لن يجدي نفعاً فكان اداء الادعاء العام  متواضعا وكثيرا ما تعرض الى النقد غير المنصف من قبل البعض منالعاملين في المجال القضائي والاداري والقانوني  ومن ذوي الشأن في حين ان فيه رموزا يقتدى بها  خلقا وعلما ومعرفة .

ان العيب ليس في نصوص القانون بل في توفير الاجواء الملائمة والمساعدة لعملية التطبيق وبعد عام 2003 تحققت المساوات والتي جسدها القانون الحالي فعلى الادعاء العام أن يأخذ دوره الريادي في تحقيق العدالة والدفاع بقوة عن الحق العام وتصفية السراق والفاسدين والتحرك دون انتظار اخبار او رفع شكوى من احد  فهو الذراع الثاني للعدالة  فليبدا بالحيتان والرؤوس الكبيرة من رجالات السلطة والحكم والعصابات المتنفذة والمحمية بهم كي ينال هذا الطود الشامخ  الاستحقاق المميز وبجدارة .

 

ان القانون الجديد لا يختلف عن سابقه الا في المسميات وعددا  من الاضافات والحذف لعدد من النصوص غير المهمة كي يقال ان مجلس النوابقد انجز تشريعا مضافا لبقية التشريعات التي توظف في تطبيقات العدالة ومع ذلك لم يوفق المجلس في الكثير من النصوص سواء من الناحيتينالشكلية والموضوعية  ومنها :

اولاً/ ان تسمية الادعاء العام كونه جهاز لا تنسجم وطبيعة عمله ومهامه فهو ليس جهازاً امنياًاواستخبارياً انه  احد اذرع العدالة يؤدي دوراً لا يختلف اطلاقاً عن القضاء متضامناً معه ايجابياً في تحقيق العدالة فكان من الانسب تسميته بالمجلس او الهيئة او المؤسسة ( المادة 1 اولاً وثانياً) .

ثانياً /  ان ما ورد في نص المادة ( 2) ليست اهدافاً بل هي وسائل ومهام وكان بالإمكان توحيد البعض من فقراتالمادة  اختصاراً لعددها لان الحكمة  ليست في الإكثار من الفقرات  بل فيفن الصياغة وحسن التشريع .

ثالثاً / لم يكن نص المادة ( 4 / الفقرة ثالثاً ) موفقاً في توسيع قاعدة  تعين عضو الادعاء العام ليشمل المحامين والحقوقيين من غيرخريجي المعهد القضائي الاتحادي او المعهد القضائي في الاقليم وكان من الافضل ان يكون التعين حصراًعلى خريجي المعهدين.

رابعاً/ لا مبرر لحضور الادعاء العام امام محاكم الاحوال الشخصية وغيرها من المحاكم المدنية التي لا تكون الدولة طرفا فيها على وفق المادة (6) .وترك الامر الى اطراف النزاع ووكلائهم فهي مهام مضافة لا يتسع الوقت لها وكان من الاوفق ترك ذلك الى منظمات المجتمع المدني ومنظمات رعاية الامومة والطفولة والاحداثوالمؤسسات الحكومية  المهتمة في هذا المجال .

خامساً / احسن المشرع عندما نص في المادة ( 5 ) على تولي الادعاء العام مهام اقامة الدعوى بالحق العام وقضايا الفساد المالي والاداري ان هذه المهمة من اهم واخطر القضايا في الوقت الراهن  وفشل ونجاح الادعاء العام يتوقف عليها وهذا لا يعني ان بقية الفقرات اقل اهمية كمراقبة التحريات عن الجرائم وجمع الادلة والحضور عند اجراءالتحقيق ومراحل المحاكمة والنظر في شكاوى المواطنين والرقابة والتفتيش للمواقف ودوائر الاصلاح وغيرها من المهام الواردة في القانون .

سادساً / ان نص المادة (5/ الفقرة حادي عشر ) منحت الحق للادعاء العام الطعن بعدم دستورية القوانين  والانظمة امام المحكمة الاتحادية العليا  وفي ذات المادة  في (الفقرة  ثاني عشر ) منحته الحق في التحقيق في جرائم الفساد الاداري والمالي وكافة الجرائم المخلة بالوظيفة العامة فعلى الادعاء العام ان يولي اهتماماً استثنائيا لتطبيق هاتين الفقرتين ويباشر بتقديم الطعون في  القوانين غير الدستورية واقامة الدعاوى بالحق العام ليكون نموذجا يحتذى به في تصديه للخروقات الدستورية والحق العام  . ولنا عودة لاستكمال تسليط الضوء على بقية نصوص القانون ومناقشتها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى