اللجنة القانونية

ضبط النفس القضائي

ضبط النفس القضائي

المستشار: سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

قرات كتابا مترجما بعنوان النظام القضائي الاميركي من تأليف الكاتب روبرت ورونالد ستيدهام وقد لفت انتباهي مصطلح (ضبط النفس القضائي) فوجدت من المناسب ان اكتب في معنى ومفهوم هذا المصطلح فتبين لي ان هذا المصطلح هو مجموعة القواعد والاجراءات والمبادئ والنشاطات التي يحضر على القضاة القيام بها او الانضمام اليها وهي ليست من السلطات القضائية فالامتناع او النظر في النزاعات  تحكمها قواعد ومبادئ تقوم بمراقبة وتقيد سلطات القضاة وهذه القواعد تنبع من مصادر مختلفة كالدستور الأميركي ودستور الولايات وقوانين الكونغرس وقوانين الهيات التشريعية والقانون العام ومعظم هذه القواعد تطبق على محاكم الاستئناف والانظمة  القضائية الفيدرالية وانظمة الولايات القضائية ومن اهم هذه القواعد والمبادئ والاجراءات التي على القضاة مراعاتها :

(1) يجب ان يكون هناك موضوع نزاع محدد حيث ينص الدستور على ان السلطة القضائية يجب ان تطال جميع  القضايا في القانون والانصاف الناشئة بموجب هذا الدستور وقوانين الولايات المتحدة والمعاهدات التي عقدت تحت سلطاتها وهذا يعني ان يكون هناك موضوع  نزاع حقيقي بين خصوم قانونيين لرفع دعوى وان يتعلق هذا النزاع حول حق ذي شان او بمنع او رد حق يؤثر مباشرة على احد الخصوم في الدعوى وهناك ثلاث نتائج لهذه القاعدة الاولى ان يكون النزاع واقعيا وماديا قبل ان توافق المحكمة على قبول النظر فيه والثانية ان يكون موقف الاطراف في الدعوى صحيح والثالثة ان المحاكم لا تنظر في دعوى اصبحت جدلية لا تستند الى الوقائع .

 (2)  يجب ان يكون الالتماس لغرض معين ومحدد لان القضاة لا ينظرون في قضايا على اساس الجدارة الا اذا كان المتقدم بالطلب قادرا على ذكر جزء معين من الدستور كأساس لهذا الالتماس . (3) لا يحق للمستفيد من قانون او عمل رسمي ان يتصدى له او يعترض عليه لدى المحاكم ويطلب ابطاله مستندا الى ادلة او حجج تؤيد طلبه ومع ذلك تقرر المحاكم رفض الدعوى لأنه لا يجوز لأي انسان ما الاستفادة من مشروع حكومي معين او من عمل رسمي او قانون ان يتصدى له في المحاكم .

 (4)ان محاكم الاستئناف تحكم  في القضايا القانونية لا الواقعية وانها لن تنظر عادة في القضايا اذا كانت اسباب الاستئناف غير مجدية او بحجة ان قاضي المحكمة او هيئة المحلفين جمعوا وحددوا بطريقة خاطئة العناصر الاساسية للقضية لان هناك  اعتقادا ان القضاة وهيئات المحلفين هم اقرب الاطراف الحقيقيين الى الادلة المادية للقضية.

(5) المحكمة العليا ليست مقيدة تقنيا بالسوابق ويعني ان هذه المحكمة حره في ابطال او تجاوز السوابق وهي المسطرة عندما  تحكم في قضية دون النظر الى ان هناك سوابق او ان هناك قيود لأحكام وقرارات سابقة كما ان المحكمة تملك الكثير من المرونة لذلك  فكثير من القرارات تبطل او تتجاهل او تتجاوز قرارات واحكام سابقة كلما دعت الحاجة وهذا يعني الابقاء على عقول قضائية منفتحة وغير منحازة .

(6) يجب استنفاذ الخيارات او ما يسمى بالعلاجات الاخرى فكثير ما يحبط الخصم القلق الا ان ادارة العدل بشكل منظم  وفعال ودقيق حيث لا تقبل قضية ما لم تستنفذ جميع الخيارات القانونية والادارية الاخرى دون النظر الى اهمية القضية او الاشخاص الذين رفعوا الدعوى .

(7) المحاكم لا تنظر في المسائل السياسية لأن السلطتين التنفيذية والتشريعية هما في نظر القضاء فروع سياسية يتم اختيارهما من قبل الشعب لغرض صنع السياسة العامة للدولة وان حل المسائل الخلافية تعود لهما .

(8) ان عبء الاثبات يقع على عاتق المدعي لمن يريد معارضه دستورية لقانون نظامي وان تكون الادلة ضد القانون المخالف واضحة المعالم ودامغة لا شك فيها والاستثناء الوحيد لمبدا عب الاثبات يتواجد في عالم  الحقوق والحريات المدنية ومثال ذلك عندما تحاول الحكومة الحد من الحريات الانسانية الاساسية عليها ان تثبت الحاجة الملزمة والاسباب الموجبة لإصدار مثل هذه القيود .

(9) يتم ابطال القوانين على اضيق الاسس في بعض الحالات ويرى القاضي ان هيكليات الدستور أسيء اليها بواسطة قانون تشريعي او امر تنفيذي ومع ذلك قد يكون للقاضي خيار ابطال عمل رسـمي على  اسـس نظاميـة  بدلا من اللجوء الى الدســتور لان العمل الرسـمي تعدى  الســلطات الموكلة اليه من قبل القانون فيقرر القاضي ابطال العمل الرسمي وهذا ما يطلق عليه الإبطال النظامي وقد يبطل القاضي جزء من القانون الذي وجد فيه شائبة دستورية بدلا من ابطال القانون النظامي كاملا .

(10) ليس هناك من احكام تصدر بحجة حكمة التشريعات وان اعتماد هذا المبدأ بصرامة  يؤدي الى ان  الاعلان عن قانون او عمل رسمي غير دستوري يجب ان ينتهك حرفيا الدستور وان القوانين النظامية لا تخرق الدستور لمجرد انها غير منصفة او مبذره ماليا او تشكل سياسة عامة سيئة فاذا اخذنا بهذا المبدأ بمعناه الجوهري فهذا يعني ان القضاة على انواعهم ليست لهم حرية الرجوع الى افكارهم الشخصية حول ما هو  باطل او صالح او ما بين السياسة  العامة الصالحة او السيئة عندما ينظرون في دستورية التشريعات وان النتيجة  الاخرى لهذا المبدأ هي  امكانية سـن قانون يعتبره الجميع جيدا  ومكتملا ولكنه غير دستوري وعلى العكس قد يصدر قانون نظامي يجعل من اجراء عمل رسمي معنى قانونيا  بينما يعرف الجميع انه سيئ وخطير ولكنه مع هذا لا يخرق الدستور وعلى الرغم من تدخل قيم القضاة الشخصية في تفسيرهم لنصوص عديدة من الدستور الا ان هناك مبدا يحتم على الجميع التقيد به الا وهو لا يمكن ابطال القوانين الا اذا كانت مخالفة للدستور وليس طبقا لما يراه القضاة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى