اللجنة القانونية

سلطة الدولة ام سلطة العشيرة ؟.

      سعيد  النعمان
منذ بدايات الاحتلال عانى العراق من مشاكل معقدة وخطيرة هددت أمنه ووحدته واستقراره وجعلته عبارة عن مجاميع مسلحة وأحزاب طائفية وتكتلات مناطقية وظهور عشائري غير مسبوق منافس للحكومة ومؤسساتها وفرض أعراف وتقاليد عجيبة وغريبة خارج إطار الدستور والدولة والقانون تتقاطع مع عادات وتقاليد المجتمع المتحضر وبناء الدولة المدنية .
أنك تسمع وتقرأ وتشاهد أحداثا تقوم بها العشائر قد لا تصدق كونها ذات طابع جاهلي متخلف. والمعروف ان العشائر لها أعراف وتقاليد راسخة بعضا منها تساهم في انجاز الصلح والتراضي بين الخصوم وبشكل عادل عن طريق التحكيم ومنح أطراف النزاع مددا زمنية للتوافق وعلى سبيل المثال ( العطوة والمصلحة والجاهة ) وغيرها ثم العودة الى مجلس التحكيم وتحرير محضرا بالتنازل كي يستفيد منه المتهم الموقوف بأخلاء سبيله أو المحكوم عند صدور قوانين العفو فمنهم من تخفض عقوبته ومنهم من يطلق سراح استنادا الى محضر الصلح . بعيدا عن المغالاة عند فرض التعويض هذه ابرز وأهم واجبات العشيرة ناهيك عن صفاتها الحميدة ومنها الوفاء والكرم والشجاعة والنخوة .أما الأفعال التي تعد جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات هي (الكوامه (وفورة الدم ) (والدكات)  التي هي الأخطر على الأمن الاجتماعي من خلال الهجمات المسلحة التي يقوم أحد اطراف النزاع والتي استخدمت فيها مختلف الأسلحة الأمر الذي ادى الى سقوط قتلى وجرحى ومنهم ابرياء ليسوا طرفا في هذه النزاعات. لذلك اعتبر مجلس القضاء الاعلى الدكات جرائم ارهابية تنطبق واحكام المادة الثانية من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنه 2005 وهذا هو التكيف القانوني الصحيح لها وتم توجيه القضاة بتطبيق ذلك . وبالفعل فقد تم تنفيذ هذا التوجيه واوقف عددا من المنفذين لهذه الهجمات بغية ايقاف هذه الظاهرة والقضاء عليها.
 ان محاولة اصدار قانون مجلس قبائل وعشائر العراق استنادا إلى نص المادة 45 من الدستور والترويج له أمر في غاية الخطورة لأنه  سيؤدي الى احلال سلطة العشيرة بدلا من سلطة الدولة. والقضاء سيتراجع دوره أكثر بعد صدور هذا القانون ثم ان هذه المادة لم تتضمن اصدار قانون لتطبيقها .وسيكلف الدولة تخصيصات مالية اسوة بالأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني  لان اشتراكات أبناء العشيرة قد لا تغطي نفقات مقراتها وانشطتها . وبسبب ضعف الدولة وغياب قوة القانون ستكون سلطة العشيرة أقوى من سلطة الدولة على الرغم من الصراعات الدموية التي تحصل بين هذه العشائر بأوامر من مشايخها . لذلك يتوجب عدم الموافقة على اصدار قانون مجلس القبائل وعشائر العراق او المصادقة عليه . واصدار تعليمات بمنع التداول بالألقاب العشائرية في المخاطبات الرسمية وشبه الرسمية للقضاء على المزايدات والتباهي والغلو والاستغلال باسم العشيرة. وإنقاذ المجتمع من هذه الظاهرة الغريبة وغير المقبولة وان تضع الدولة برامج ومناهج للتصدي لها وان يكون لوسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني الدور الريادي فيها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى