اللجنة القانونية

حقوق السجين العراقي

حقوق السجين العراقي
وفقاً للائحة التنظيمية رقم ( 48 ) لسنة 1991 م
نشرت في الجريدة الرسمية العدد ( 13 ) لسنة 1999 م . دراسة قانونية
الدكتور عامر الدليمي
عضو اللجنة القانونية
المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
مقدمة : الأنسان في أي مجتمع جزء منه ولظروف خاصة دفعته ليكون نزيل السجن وهذا الأمر ليس نهاية المطاف ففي المجتمعات المتحضرة التي تتسم بقيم واخلاق نبيلة وتعاليم ترسخ السلوك القويم وتعميق مفاهيم اجتماعية للحيلولة دون وقوع جريمة او الحد من انتشارها كظاهرة سلبية أو انحراف سلوكي لتوفير امن مجتمعي والابتعاد قدر الامكان التفكير بارتكاب جريمة ليعم الأمن والطمأنينة في المجتمع .
 كما للقضاء دورة متميزة عند اعطائه مؤشرة واضحة عن حسن سير العدالة وتطبيقاته للقانون دون محاباة او تأثير سلطوي أو انحياز لتأكيد الحق مما يجعل الفرد كثير من الأحيان يركن اليه عند تقرير مصيره على اعتبار أن القانون فوق الجميع والقضاء سيف الحق والانتصاف للفرد .
ففي الدول المتقدمة تنظر للإنسان المواطن في مجتمعاتها أهمية ليمارس دورا  فاعلاً منتجاً في المجتمع والحياة وتتعامل مع مرتكب الجريمة الجنائية معاملة خاصة كانسان يشعر بأدميته عند فترة بقائه في السجن تجعل منه فرداً صالحاً عاملا ومنتجاً * من خلال برامج متعددة ليستطيع بعد انقضاء فترة محكوميته الإنسجام مع المجتمع لأن الحكم عليه ليس الانتقام منه كعقوبة بقدر ما هو إصلاحه ….. لذلك تمكن عدد من المحكومين في تلك الدول إكمال دراستهم الجامعية ضمن برنامج وشروط السجن أو إدخالهم دورات تدريبية في النجارة أو الحدادة أو الكهرباء أو غير ذلك ليستطيعوا تأهيل أنفسهم ماديا للانفاق على عوائلهم عند إنتهاء محكومياتهم للمشاركة في الحياة …. وحتى المحكومين قلة عددهم في تلك الدول تستخدم نفس الاجراءات ، الا في حالات التجسس التي تهدد أمنها وسيادتها ، ومن المعيب جدة بل من غير الانسانية والاخلاق معاملة السجين معاملة قاسية تصادر كرامته وآدميته والتي تدلل على تخلف النظام واجهزته المكلفة بالأشراف على السجين لسلب حقوقه خلافاً للقانون والتشريعات . وقد سُمع وشوهد مواطنين سجناء ( ابرياء ) وشهادات  أفاد بها اخرين عرضتها فضائيات إعلامية عراقية وغيرها وافلام وصور موثقة وتصريحات السياسيين وحقوقيين ومنظمات انسانية عالمية لما يجري في السجون العراقية من ظلم وتعسف وتعذيب وإهانة لكرامة السجين العراقي المتهم ( البريء ) وما اكثرهم إلا لدوافع الانتقام منهم وسلوكيات منحرفة لا يقرها قانون أو أخلاق …. وهذا ما اكدت علية منظمة
( هيومن رايتس ووتش ) وهي منظمة إنسانية عالمية تدافع عن حقوق الإنسان ، ومنظمة الانتربول الدولية في تقاريرها الدورية ورسالة الأمين العام للأمم المتحدة عام 2012 م الموجه للحكومة العراقية ، وما زال آلاف العراقيين في السجون العلنية والسرية مغيبين دون مقاضاتهم أو إصدار أحكام بحقهم خلافا للقانون والانسانية ، مع أن للسجين العراقي حقوق وفقا للائحة التنظيمية المرقمة ( 48 ) لعام 1991 م والتي يفترض العمل بموجبها كونها تتضمن فقرات انسانية ومحاسبة من يعمل خلافا لها وتضمنت ما يأتي :
اولاً : جاء في المادة ( 1/4 ) توفير مكان ملائم للسجين يتوفر فيه الشروط الصحية … كواجب انساني من حق السجين مرتكب الجريمة (البريء ) ولاسباب معروفة شروط صحية على أقل تقدير كما تتوفر للإنسان الاعتيادي في معيشة مناسبة ، وجاء في المادة ( 33،34 ) تؤكد على توفير الغذاء والدواء والرقابة الصحية ، و في المادة ( 5 ) من القاعدة ( 22،26 ) وبقرار من رئيس جمهورية مصر بالقانون رقم ( 396 ) لعام 1956 م رعاية المسجونين صحياً وغيرهم من المحتجزين والتأكيد على القواعد العامة لعلاجهم وعدم ضياع حقوقهم بما فيه حق الصحة العقلية والجسدية خلافا للإعلان العالمي الحقوق الانسان الذي يعتبر الصحة الجسمانية والعقلية للمسجونين حقا تنص علية المادة ( 25 ) لكل شخص الحق في معيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية وكمية من الغذاء ونوعيته واعداده مع اتباع القواعد الصحية كالتدفئة والاضاءة والتهوية ، وفي المادة ( 15 ) من قرار وزير داخلية مصر رقم ( 79 ) لسنة 1961 م باللائحة الداخلية للسجون ورد لكل سجين حقوق انسانية داخل السجن لا يجوز حرمانه منها وهي :
أ ۔ الحق في الحياة
ب . الحق في سلامة جسمه من التعرض للتعذيب او المعاملة السيئة .
ج- الحق في الرقابة الصحية والعلاج الطبي .
وورد ايضا في المادة ( 5 ) في القانون ( 396 ) ينبغي أن تتوفر للسجناء سبل الحصول على الخدمات الصحية المتوفرة في البلد دون تمييز على اساس وضعهم القانوني ، اما قانون المسطر الجنائية للمملكة المغربية المادة ( 620 ) جاء فيها تفقد احوال السجناء والمعتقلين في إطار العناية وتوفير وسائل الامن والوقاية من الأمراض ونظام التغذية وتحسين ظروف حياتهم او في التجهيزات الكهربائية ، وقدم المجلس الاستشاري لحقوق الانسان في المملكة توصيات في عام 1990 م و آراء تتعلق بموائمة القوانيين الوطنية المتعلقة بحقوق السجين منها السهر على وسائل الصحة والأمن والوقاية من الأمراض ونظام تغذية المعتقلين وظروف حياتهم … ونظافة المرافق الصحية والاستحمام للسجين بدرجة حرارة مكيفة مع الطقس بالقدر الذي تتطلبه الصحة مع توفير سرير فردي وفراش لكل سجين وعدم إخضاعه لارتداء ملابس تهين او تحط من كرامته .
ثانياً : تضمنت اللائحة العراقية في المادة ( 38،60 ) مقابلة أهل السجين وذويه لسد احتياجاته الضرورية إذ لكل انسان حاجة معينة قد تختلف عن حاجات الأخرين في حياته من ملبس أو كتب أو حتى طعام معين أو أدوية يجد انها ضرورية لغرض توفيرها من أهله أو ذويه و لربما لا تتوفر هذه الحاجة لدى ادارة السجن ومن التعسف منعها عنه او عدم ايصالها الية من قبل ذويه …. وهذا ما اشار اليه قانون الإجراءات الجنائية المصري في المادة ( 40 ) إلى أهمية زيارة السجين من ذوية اذ  تعد من اهم الضروريات الحياتية التي تجعل السجين على اتصال بالعالم خارج اسوار السجن وذلك لما تمثله الزيارة من بعث الشعور بما هو خارج تلك الأسوار وما يدور من احداث و الاطمئنان على أهله وذويه وما يحتاجه من متطلبات حياته المعيشية والشخصية .
و القاعدة ( 61 ) من ذات القانون نصت على أنه لا ينبغي التركيز على اقصاء السجناء عن المجتمع لكي لا يظلمون لأنهم جزء منه ، وفي المادة ( 60 ) من اللائحة التنفيذية رقم ( 396 ) لسنة 1956 م المصري جاء فيها للسجين الحق في التراسل في أي وقت ولذويه أن يزوروه مرة واحدة في الأسبوع .
وفي قانون المسطر الجنائي للملكة المغربية المادة ( 661 ) جاء فيها الاهتمام بالجانب الاجتماعي لزيارة السجين ، مع تحضير برنامج وقائي لحماية وتنمية حقوق الانسان ،والسماح للسجين الاتصال بأسرته وذويه وأصدقائه على فترات منتظمة بالزيارات أو المراسلة وتمكين كل سجين من تلبية احتياجاته الطبيعية وبصورة منتظمة ولائقة مع تزويد كل ( سجن ) بمكتبة مناسبة لمختلف فئات السجناء تضم قدر وافي  من الكتب الترفيهية والتشويقية …. هذا الاجراء إن طبق فعلا في السجون له دلالة على مدى تحضر وانسانية ذلك النظام الذي اعتمد هذا الأسلوب في تعامله مع السجناء كحالة مضافة لحقوقه مع ضمان حياة كريمة له دون المساس بأدميته  أو اخضاعه لقيود تجعل منه انسان متمرد غير سوي في تعامله مع الاخرين ولأسباب قد تجعله يدعو الى الكراهية والانتقام من المجتمع عند انتهاء محكوميته ومعاودة نشاطه الإجرامي للإكراه المادي والمعنوي الذي تعرض له و للقساوة التي مورست معه من مسؤولي السجن ، ولربما كان هذا السجين لا يستحق الظلم الذي وقع علية وهو ( بريء ) وكما حدثت وأشيعت حوادث كثيرة لسجناء لم يرتكبوا أية جريمة وإنما اخضعوا للسجن والتعذيب لعوامل سياسية أو اجتماعية أو دينية انتقامية، .
ثالثاً : و ورد في اللائحة المادة ( 39،70 ) مقابلة محامي للمتهم السجين لمعرفة موضوع الدعوى ، فحق ا(لمتهم ) الاستعانة بمحام من الحقوق الجوهرية التي نصت عليها مجمل الدساتير والقوانين في العالم والفقه والقضاء على تكريس هذا الحق وصيانته كون المحاماة مهنة انسانية تدافع عن حقوق الأفراد والتعاون مع القضاة في تحقيق العدالة والمحافظة على النظام العام ، ومقتضى ذلك أن حضور المحامي واجب أجرائي يتعين دعوته قبل الاستجواب ، إذ أن المتهم ومحاميه يعتبران شخصا واحدا فلا يجوز الفصل بينهما لأي سبب كان ، وضمانا لحق المدعي عليه الاستعانة بمحام أثناء الاستجواب ويجوز له الاختلاء به دون حضور احد من رجال الشرطة ولا يجوز تعطيل هذا الحق في أية صورة و أي سبب ، كما لم يتقيد بهذه الضمانة بالنسبة لتحقيق جنايات أمن الدولة المصرية بوصفها ضمانة وحق من حقوق المتهم الشخصية والقانونية . وفي المادة ( 71 ) من الدستور المصري أكدت على المادة ( 139 ) من قانون الإجراءات الجنائي المصري بأن يبلغ فورا كل من يقبض علية أو يحبس احتياطية بأسباب القبض أو الحبس … وله حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع عليه والاستعانة بمحام وأعلامه على وجه السرعة بألتهم الموجهة اليه وكما ورد في المادة ( 2 ) الفقرة ( ج ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقية وتعديلاته رقم ( 23 ) لسنة1971 م والمادة ( 124 ) من قانون الإجراءات المصرية رقم ( 37 ) السنة 1972 م والمادة ( 62 ) من قانون اصول المحاكمات الاردني رقم ( 9 ) لسنة 1961 م والمادة ( 70 ) من قانون اصول المحاكمات اللبناني المعدل رقم ( 823 ) لسنة 2001 م .
رابعاً : حسم ملفات المعتقلين والإسراع في المحاكمة ، أكدت لائحة السجناء على الإسراع في محاكمة المتهمين ولأي تهمة كانت دون تأخير أو إبطاء ضمانة لحسن سير العدالة وإبعاد المحكمة عن التأثيرات الخارجية أو التدخل في شؤون القضاء وهذا ما جاء ايضا في ضمانات المتهم في المحكمة الجنائية العليا في العراق الذي اقرته الجمعية الوطنية طبقا للفقرتين ( ا ، ب ) من المادة ( 33 ) والمادة ( 37 ) من قانون ادارة الدولة العراقية والمنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد ( 4006 ) في 2005/10/18 م أن تلتزم المحكمة بإجراء محاكمة المتهم دون تأخير مبرر بأسباب معقولة مع التزامها بتطبيق أحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم ( 23 ) لسنة 1971 م وتكون جلسات المحاكمة علنية توافقا  مع المادة ( 152 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقية التي اقرت بحقوق المتهم وكرامته وانسانيته مهما كانت الجريمة ، واعتبرت المادة ( 128 ) من القانون أن الإقرار الصادر تحت الإكراه المادي أو الأدبي أو الوعد أو الوعيد باطل وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته مع النظر الى قضية المتهم باستقلالية وحيادية وعلنية مع إلزام المحكمة بمعايير منسجمة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بتاريخ 16 كانون الأول 1966 م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والنافذ من تاريخ 23 آذار 1976 م الذي حدد صلاحية المحكمة النظر في الجرائم التالية : ۔
أ . جرائم الإبادة الجماعية .
ب . الجرائم ضد الإنسانية .
ت . جرائم الحرب .
ث . انتهاك القوانين المتمثلة بالتدخل في شؤون القضاء .
وفي المادة ( 15 ) من قرار وزير داخلية مصر رقم ( 79 ) لسنة 1961 م من اللائحة الداخلية للسجون في مصر جاء فيها لكل سجين حقوق إنسانية داخل السجن لا يجوز حرمانه منها :
أ- الحق في محاكمة عادلة ومنصفة .
ب . الحق في احترام الكرامة الانسانية .
ت ۔ الحق في التحرر من الاستعباد .
ث . الحق في سلامة الجسم من التعرض للتعذيب او المعاملة السيئة .
ومن صور المعاملة الانسانية المادة ( 31 ) من القانون المصري المعدل ( 87 ) لسنة 1973 م والتي أشارت لمن لدية رغبة من السجناء مواصلة الدراسة والسماح له بتأدية الامتحانات الخاصة أو الالتحاق بالشهادات العليا أو الكليات وكذلك المادة ( 21 ) الاشراف على كافة انشطة التدريب المهني والتعليم والوعظ والعمل الاجتماعي ، وتضمنت المادة ( 28 ) من قانون تنظيم السجون ( 396 ) لسنة 1956 م المصري تقوم ادارة السجن بتعليم المسجونين وتمكين المحكوم عليه الراغب في تثقيف نفسة ببذل الجهود وتشجيعه ، ومن توصيات المجلس الاستشاري المغربي لحقوق الانسان عام 1990 م توصيل الجرائد والدوريات والكتب المسموح ببيعها في السوق الوطنية الى المحكوم علية وفي المادة ( 661 ) جاء فيها تحضير برنامج وقائي مع تنمية ودعم التعليم والتكوين المهني ونشر ثقافة ملائمة لحماية حقوق الانسان أضافة لقوانين وتعليمات تشير الى انسانية التعامل مع السجين وحقوقه ، ومع هذه الآمال التي تبقى وتحتاج الى تفعيل ومراقبة الترقي الى ما تصبوا اليه اللوائح الدولية للسجناء والمواثيق لحفظ الكرامة الانسانية ، إذ عندما يتحدث القانون ويطلع السجين على حقوقه نجد أن هذا الحق لا وجود له على الاطلاق بل يحرم من ابسط حقوقه للتحكم والتسلط في مصيره وتغييب حقوقه الانسانية وانتهاك كرامته وهي
 ترسيخ قيم الشفافية والتخلق بقيم حقوق الانسان والتشبع بأخلاقيات العدل والحق ومكافحة الظلم والقهر بكل أشكاله وسماع ومتابعة تظلمات نزلاء السجون  الذين لحقهم  اذى وضر من قبل سجانيهم أو اي جهة لها سلطة قانونية أو غير قانونية والعمل على اتخاذ الاجراءات اللازمة والحازمة   لجبر الضرر للذين اصابهم الظلم والدفاع عن ضماناتهم القانونية كدعوة لفضح وتنديد جميع الخروقات غير الانسانية التي أصابت الانسان ( البريء) من كل تعذيب أو قسوة أو إهانة لكرامته دون حق أو لأي سبب غير مبرر  خلافا للقانون أو اللوائح التنظيمية لحقوق السجين عند ذاك حتمية اللجوء الى المحاكم الجنائية الدولية عند عجز المحاكم الوطنية في إداء دورها أو التدخل في شؤون القضاء لحرفه عن مساره العادل لأنصاف المظلومين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى