اللجنة القانونية

حصاد الانتفاضة

حصاد الانتفاضة

المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

تميزت انتفاضة تشرين 2019 عن الانتفاضات التي سبقتها من حيث الاهداف والاسباب والزمان وخصوصية المكان والصمود المتصاعد وعدد الشهداء ونوعية المطالب وشموليتها فعبرت اصدق تعبير عن جموع العراقيين بكل اطيافهم . لقد شملت محافظات جنوب العراق ووسطه مع تأييد مطلق من بقية المحافظات ماديا ومعنويا . واتسمت هذه الانتفاضة بالسمة الوطنية العراقية الخالصة والمواقف الفدائية التي اذهلت السلطة الفاسدة وميلشياتها المسلحة وحافظت على سلميتها . الا ان السلطة الفاسدة واجهتها بالاغتيالات والقتل المباشر والخطف والتعذيب وسيلة لقمعها . وبالمقابل فان الانتفاضة حددت أهدافها مسبقا بالتغير الشامل الجذري للسلطة واحزابها وتعلم يقينا بان الارادة الحرة والصمود البطولي هما القوة الروحية التي تحقق النصر.

لقد ولدت الانتفاضة من رحم القهر والظلم والحرمان من ابسط مقومات العيش وغياب فرص العمل .انها انتفاضة شعبية واعية وعفوية ونظيفة من الدخلاء وتجار السياسة مكملة للانتفاضات التي سبقتها بالكم والنوع . لقد رفعت انتفاضة تشرين شعارات متناغمة ومتكاملة أولها اسقاط نظام الحكم الطائفي ورموزه دون استثناء لأنهم يتحملون المسؤولية كاملة . والغاء الاحزاب المتنفذة في السلطة التي عملت وبكل طاقاتها على تسيس الدين والترويج للمذهبية وخلق الفتن والتناحر والتبعية الكاملة لإيران . واقتلاع الفساد من جذوره والتحقيق مع المفسدين واحالتهم على المحاكم واسترجاع هيبة الدولة بإلغاء المليشيات ومصادرة اسلحتها . وتغير الدستور وتعديل قانون الانتخابات وبناء دولة مدنية دستورية تعتمد مبدأ المواطنة التي تحقق العدالة والمساوات للجميع والضامنة والراعية لمواطنيها .

صحيح ان الانتفاضة بحاجة الى اشواطا عديدة لقطف ثمارها وتحقيق أهدافها كاملة والتي مازالت قيد الانجاز الا ان بداية حصادها كان منتجا . لقد اجبرت عبد المهدي على الاستقالة واعتذار علاوي عن التكليف والإصرار على تشكيل حكومة مؤقتة تحضى بموافقة الانتفاضة واجراء انتخابات مبكرة تحت اشراف دولي وكشفت فساد السلطة والبرلمان المزور المختلف على تقاسم الغنائم . واحدثت الانتفاضة شرخا كبيرا بين قادة الاحزاب ومن يمثلهم في البرلمان . ومع مرور الوقت ارتفع عدد المشاركين في الانتفاضة الى اضعافا مضاعفة وكان للمرأة حضوريا مميزا فيها . هذه هي بداية  الحصاد وسيكون للانتفاضة القول الفصل في التغير الشامل الذي ينتظره الشعب وان تحقيق الأماني والأهداف ليس بالأمر المستحيل طالما وجد اليقين واستقر في صدور وعقول وقلوب المنتفضين وقادتها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى