اللجنة القانونية

حريق مستشفى ابن الخطيب

حريق مستشفى ابن الخطيب

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

بعيدا عن الروايات والشائعات المتداولة بين المواطنين بصدد اسباب الحريق الا ان مديرية الدفاع المدني سارعت وكشفت عن اسباب اندلاع الحريق بانفجار احدى الاسطوانات المسربة لغاز الاوكسجين . ومن خلال التغطية الاعلامية من داخل المستشفى فقد اشارت الى خلو المستشفى من منظومة مكافحة الحرائق وقدم بناء السقوف الثانوية المتهالكة للمستشفى وتخزين كميات هائلة من المواد الفلينية سريعة الاشتعال . في ظل غياب المراقبة والمتابعة وتطبيق شروط السلامة من قبل ادارة المستشفى وفوضى المرافقين والزائرين لمرضى كورونا والامراض الاخرى والتواجد في غرف العنايات المركزة .

ومن خلال هذا الوصف الاعلامي المثير يتضح للمواطن استبعاد القصد الجنائي لحادث الحريق وان الاهمال والتقصير في اسلوب النقل والتخزين لقناني الاوكسجين وعدم التأكد من سلامتها قد يكون هو السبب المباشر لاندلاع الحريق . كما ان هناك تقصير  في عمل المنظومة الأمنية الخاصة بحماية المستشفى.

لذلك فان بوصلة التحقيق تتجه الى أثبات الاهمال والتقصير اللذان هما سيدا الموقف وان المسؤولية المباشرة تنحصر في ادارة المستشفى وتحديدا بمديرها ومن يثبت ضده تقصيرا واهمالا من موظفيها بصورة مباشرة وغير مباشرة .

وفي اول اجراء لجبر الضرر( التعويض ) بادر السيد رئيس الوزراء بتشكيل لجنة تحقيقية على ان تنجز التحقيق خلال سقفا زمنيا بخمسة ايام وتعويض ذوي الضحايا والمصابين بعد موافقة مجلس النواب ان لم يكن قد حصل عليها  هاتفيا ( وكنا نأمل ان يرأس اللجنة قاضيا من الصنف الاول او نائب رئيس الادعاء العام ليتولى التحقيق) كما اتخذ رئيس الوزراء أمرا  اداريا  بإيقاف عمل وزير الصحة ومحافظ بغداد ومدير عام دائرة صحة الرصافة استدلالً بالمادة ( 87 ) من الدستور والمادة ( 17 ) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام (رقم 14 لسنة 1991) وتعديلاته فالمادة الدستورية نصت على ان ( رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة والقائد العام للقوات المسلحة يقوم بإدارة مجلس الوزراء ويترأس اجتماعاته وله الحق بإقالة الوزراء بموافقة مجلس النواب ) اما المادة 17 من ( رقم 14 لسنة 1991) وتعديلاته فقد تضمنت حرمان الموظف من مزاولة وظيفته واي عمل يقوم به خلال سحب يده . وان مبررات هذا الاجراء كي لا يتدخل او يتوسط الوزير او المحافظ او مدير الدائرة في التحقيق ويستعمل وسائل الضغط المعنوي بصفته وزيرا .

في حين اتخذ مجلس القضاء الاعلى قرارا قضائيا بتوقيف مدير المستشفى وعدد من العاملين فيها كأجراء احترازي  لحين اكمال التحقيق ومعرفة المقصرين والمسببين لحادث الحريق . واذا ما ثبت التقصير والاهمال ضد احد العاملين فيجب تطبيق المادة ( 411/ الفقرة 3 ) من قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969 ( اذا نشأ عن الجريمة موت ثلاثة اشخاص او أكثر )  فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات عملا بالفقرة 1 من هذه المادة .

لقد اظهر حادث الحريق بؤر الفساد الاداري والمالي في قطاع الصحة بشكل جلي وواضح في غياب معايير السلامة والجودة نتيجة تكليف مقاولين غير كفؤين بصيانة وترميم المستشفى وقد يكون هناك تواطئ مع السلطات الرقابية والمستفيدين ممن ترسو عليه المقاولة بطرق غير قانونية .

وبالتأكيد فان اللجنة ضمت في عضويتها قاضيا ومدعي عام لإضفاء الشرعية على اجراءات التحقيق الابتدائي والقضائي التي تتضمن جمع الأدلة والكشف على محل الحادث وتنظيم مرتسم وسماع اقوال الشهود والمدعيين بالحق الشخصي وقرارات التوقيف ومن ثم الاحالة لمن تثبت الادلة ضده .

ان متابعة نتائج التحقيق والمحاكمة عبر وسائل الاعلام هي مجرد تكهنات وتوقعات قد تخطأ وتصيب الا ان القضاء هو الجهة الوحيدة في تحديد الجهة المسؤولة عن هذه الجريمة المروعة والكارثية سواء كانت جزائية او مدنية والحكم بالتعويض لجبر الضرر . وسيكون لنا مقال اخر في ضوء النتائج وصدور القرارات القضائية المكتسبة الدرجة القطعية تحقيقا ومحاكمة .

واخيرا فان ثقتنا في القضاء لا تتزعزع مترسخة وعادلة وهو الان محل اختبار في اثبات قدرته وحياده المعهود في اظهار حقائق الحادث واصدار الحكم العادل والمنصف ضد كل من تثبت ادانته .  وان غدا لناظره لقريب .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى