اللجنة القانونية

جريمة إفشاء أسرار مهنة المحاماة

جريمة إفشاء أسرار مهنة المحاماة

في التشريع العراقي

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

          المقدمة

الملفت للنظر أن مهنة المحاماة هي من أقدم المهن وهي الساعد الأيمن الذي ينير الطريق إمام المحتاجين والمظلومين لاسترداد حقوقهم وحرياتهم وكان لهذه المهنة بصمات وحضورا متألقا ومميزا في نصرت المبادئ والقيم في الدولة والمجتمع واعتبرت هذه المهنة من المصادر التشريعية الرئيسية في اغلب المجتمعات .

ومنذ نشؤها وتطورها وكانت البداية في القانون الروماني إذ سمح  للخصوم التواجد في جلسات المحاكم كما أصبح  لكل خصم  الحق في اختيار محامي يساعده على أثبات حقه بالحجة والبرهان . ومع مرور الزمان توسعت المهنة بشكل كبير حتى شملت معظم الدول كبيرها وصغيرها وصيغت قوانين وأنظمة تنظم أعمالها ثم وضعت ضوابط وشروط لمن يحمل هوية نقابة المحامين . ومن هنا ظهرت فكرة المحاماة وتطورت وأصبح لها موقعا في جلسات المحاكم وفتحت جامعات وكليات ومعاهد لتدريس العلوم القانونية وأعداد المحامين ومع تقدم المجتمعات أصبح المحامي يعمل منفردا أو في مكتب أو في شركة مع مجموعة من المحامي وبسبب حاجة المجتمع لهذه المهنة أرتفع عدد الأفراد الذين يلجئون إلى توكيل المحامين ليمثلونهم أمام القضاء وبالتالي أصبحت هذه المهنة لغة العصر.

ثم ظهرت ما يعرف بالوكالة القانونية وبموجب الوكالة أصبح للمحامي ممثلا للموكل وحل محله وله الحق أن يطلع على جميع الأمور التي تتعلق بموضوع وكالته ليتسنى له الدفاع عن موكله وبذلك يكون المحامي قد عرف ظروف الدعوى وجميع تفاصيلها وكل أسرارها . وبناء على ذلك وجد عددا من المحامين لا يحتفظ بإسرار الدعوى وإسرار موكله الأمر الذي يودي إلى تسريب بعضا من المعلومات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من قبل المحامي (الوكيل) بقصد أو بدون قصد فتنتج أضرارا تلحق بالموكل .

لقد حظيت هذه المهنة باهتمام الفقهاء والباحثين حيث تناولوا المسئولية المهنية للمحامي أذا ما أخل بالتزامه سواء عن طريق الخطأ المنتج للضرر ونتيجة لذلك صدرت قوانين وأنظمة تتعلق بمسئولية المحامي أمام القانون أذا أخل تجاه موكله أو أضر به ويلاحظ أن أغلب القوانين العقابية اعتبرت ذلك من ضمن السرية المهنية وتضمنت موادا قانونية لحماية هذه المهنة كما أن أغلب النقابات ضمنت حماية سر المهنة ووضعت لها عقوبات. في هذه الدراسة القصيرة سوف نسلط الضؤ على هذه المهنة الراقية والكريمة والسامية بالعناوين الآتية .

أولا ـ تعريف سر مهنة المحاماة

يلاحظ أن قانون المحاماة رقم (173 لسنة 1966 ) وتعديلاته لم يتضمن تعريفا قانونيا لسر مهنة المحاماة إلا أنه أورد شروط ممارسة المهنة وحقوق وواجبات المحامي . في حين أن معظم الدول اعتبرت وضع تعريف لسر هذه المهنة أمر في غاية الصعوبة لذلك تركت التعريف إلى فقهاء القانون والقضاء والباحثين للاجتهاد  وفق كل حالة من حيث طبيعتها وظروفها وأشخاص مرتكبيها . كما أن نصوص القوانين أكتفت بذكر السرية وأمثلة على مايعتبر من الأمور السرية التي قد تعتبر بمنزلة السرية وبالنتيجة تخضع إلى الجزاء التي نصت عليه هذه القوانين . وأرى أنه ليس من الضروري وضع تعريف لسر مهنة المحاماة طالما أن صفة السرية معروفة من قبل المحامي والموكل دون أن يطلب من المحامي كتمان ما يتعلق بالدعوى وان موضوع السرية يخضع لاجتهاد القضاء وله القول الفصل فيما يعتبره سريا أو يجوز للمحامي الحديث عنه والنظريات التي قيلت بشأن أسرار المهنة وموقف المشرع العراقي من النظريتين .

ثانيا ـ نظرية الالتزام المطلق ونظرية الالتزام النسبي

تناول الفقهاء والباحثين في موضع أسرار المهنة نظريتين ولكل منها الحجج والبراهين التي تدعم رأيه وسوف أشير إلى ذلك وباختصار مع ذكر وجهة نظر أصحاب كل نظرية .

1 ـ نظرية الالتزام المطلق بسرية المهن .

يرى فقهاء هذه النظرية بأن أسرار المهن ومن بينها مهنة المحاماة هي أسرار مطلقة دون استثناءات وبالتالي لا يمكن لصاحب المهنة أن يفشي أسرار مهنته إلى أي شخص مهما كانت صفته حتى لو كان صاحب الشأن نفسه . أو ذويه أو معارفه أو أصدقائه أو من خلال ممارسته لمهنته وقد أستند أصحاب هذه النظرية إلى عدة حجج لتعزيز رائهم ومنها .

ـ أن هناك مهنا ضرورية بالنسبة للحياة الاجتماعية لا غنى عنها للأفراد والمجتمع وأن هذه المهن تقوم بعملها على قاعدة الثقة المطلقة وأن الالتزام المطلق بالسر تفرضه ضرورة حماية ثقة من يتعامل بهذه المهنة سواء كان فردا أو جماعات .

ـ أن الالتزام المطلق بسر المهنة يطمئن المؤتمن على السر بعدم إفشاء أية معلومات أو الكشف عن وثائق وأما في حالة وجود استثناءات فأن الأمين على السر قد لا يعرف الأمور السرية والتي لا تعتبر سرية الأمر الذي قد تجعل الأمور تتداخل لديه ويصعب عليه الفرز بين الأمور السرية وغير السرية ناهيك عن تراكم المواقف وعدد القضايا التي يتوكل فيها والأخبار التي ترد إليه أو بحكم مهنته .

ـ لقد نصت القوانين على استثناءات للالتزام بسر المهنة لصاحب السر التي تمثل مصلحة فردية ومنها الإبلاغ عن الجرائم والتي تضمن حماية من جميع هذه الاستثناءات سواء كانت عامة أم خاصة .

2 ـ نظرية الالتزام النسبي بسرية المهن

يرى مؤيدو هذه النظرية أن رغبة المشرع في حماية المصالح الخاصة بأن الشخص الذي يلجأ إلى صاحب المهنة يكون مضطرا للإفصاح عن بعض أسراره إلى صاحب المهنة فهو المتضرر الوحيد وهذه النظرية تحقق نسبة الالتزام القانوني بسر المهنة ويترتب على هذا الرأي الأتي .

ـ أن الالتزام بعدم إفشاء السر يحمي مصلحة فردية يجب التضحية بها أذا كانت هناك مصلحة اجتماعية أو فردية عليا تقتضي الإفصاح عن السر .

ـ أن الالتزام بعدم إفشاء  السر شرع لحماية صاحب السر فمن الأجدر أن يمنح صاحب السر الحق في إعفاء صاحب المهنة من الالتزام بالسر .

ـ أن الالتزام المطلق بسر المهنة قد يضر بصاحب السر في حالة حاجته إلى شهادة وكيله المحامي الذي سبق وأن أطلع على القضية فرفض المحامي الشهادة بحجة الحفاظ على أسرار المهنة .

ـ أن الالتزام النسبي بسر المهنة يوفق بين المصالح العليا والاجتماعية ومصالح الأفراد وهذا قد لا نجده في الالتزام المطلق بسر المهنة .

ثالثا ـ موقف المشرع من النظريتين

يبدو أن المشرع قد أختار التوفيق والمزاوجة بين النظريتين بهدف حماية المصالح الخاصة والعامة والاجتماعية والدليل على ذلك ما نصت عليه المادة (437 ) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969  وتعديلاته التي شملت جميع المهن ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وبغرامة كل من علم بحكم وظيفته أو مهنته أو صناعته أو طبيعة عمله سرا فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو استعمله لمنفعته أو منفعة شخص أخر ومع ذلك فلا عقاب أذا أذن صاحب السر بإفشائه أو كان إفشاء السر مقصودا به الإخبار عن جناية أو جنحة أو منع ارتكابها ) إضافة ذلك فقد نصت المادة ( 46 ) من قانون المحاماة رقم ( 173 لسنة 1966) وتعديلاته :

  1. لا بجوز للمحامي أن يفشي سرا أتمن عليه أو عرفه عن طريق مهنته ولو بعد انتهاء وكالته إلا أذا كان ذلك شأنه منع ارتكاب جريمة .
  2. لا يجوز للمحامي أداء شهادة ضد موكله في الدعوى التي هو وكيل فيها .
  3. لا يجوز تكليف المحامي بأداء شهادة في نزاع بكل أو بجزء ما أستشير فيه.

ومما تقدم يتضح للقارئ أن المشرع قد أتاح إفشاء السر المهني في الحالات التي لم ترد في المادة (437) أعلاه . ونرى أن نص المادة (46) هي المعول عليها في مسؤولية المحامي عن إفشاء سر المهنة إضافة إلى التزامه بالمحظورات التي تضمنتها المواد ( 41 ـ 45 ) من قانون المحاماة في أعلاه . وأما اللجوء إلى تطبيق المادة ( 437 ) في أعلاه فيعود ذلك إلى جسامة وخطورة السر الذي أفشاه المحامي والذي تسبب بأحداث ضررا جسيما لموكله الذي قد يستحق التعويض وفي كل الأحوال فأن القضاء هو المختص بالنظر في ذلك .

رابعا ـ الالتزام بحفظ إسرار المهنة في قانون المحاماة  

يلاحظ أن قانون المحاماة رقم ( 173 لسنة 1966 ) وتعديلاته تضمن عددا من المواد المتعلقة بإلزام المحامي بالمحافظة على إسرار مهنة المحاماة والحذر من إفشائها ومن خلال الاطلاع على هذه المواد نجد أن الملزمين بالمحافظة على إسرار مهنة المحاماة هم كل من :

1 ـ المحامي ألأستاذ

لقد اشترط القانون أن يكون مسجلا في جدول المحامين عملا بنص المادة الأولى التي نصت على ( يشترط فيمن يمارس المحاماة أن يكون أسمه مسجلا في جدول المحامين ) مضافا إلى ذلك ما ورد في المادة ( 11) التي نصت على ( لا يجوز للمحامي المسجل أسمه بالجدول لأول مرة مزاولة  أي عمل من إعمال المحاماة إلا بعد أن يحلف اليمين إمام محكمة الاستئناف وبحضور النقيب أو من ينوب عنه . وقد نصت صيغة اليمين ( اقسم بالله العظيم أن أودي إعمالي بأمانة وشرف وأن أحترم القانون وأحافظ على سر المهنة وأراعي تقاليدها وآدابها )

2 ـ  المحامي المناب

لقد نصت المادة (22/ الفقرة 3 ) ( على أن لدوائر الدولة والقطاع الاشتراكي أن تنيب عنها أحد موظفيها الحاصلين على شهادة البكالوريوس في القانون الحضور والمرافعة إمام المحاكم والهيئات ذات الصفة القضائية في الدعاوى الآتية : ـ 1ـ الدعاوى التي تكون إحدى دوائر الدولة أو القطاع الاشتراكي طرفا فيها 2 ـ الدعاوى التي تقام بين دوائر الدولة أو القطاع الاشتراكي بعضها على البعض الأخر مهما كانت قيمة الدعوى ) ومن خلال الاطلاع على مواد القانون لم نجد مايشير إلى منح الحق للمحامي أن ينيب غيره من  المحامين وأقتصر الحق تحديدا على دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي .

3 ـ  المحامي المتدرب

أن مزاولة المهنة بالنسبة للمحامي المتدرب نصت عليها المادة (18/ الفقرة1) على أن ( يسجل أسم من يقبل محاميا لأول مرة في جدول المحامين ويخضع للتمرين على الممارسة الفعلية لأعمال المحاماة باختيار إحدى الطريقتين .الأولى التمرين مدة سنتين في مكتب محام مارس المحاماة مدة لأتقل عن خمس سنوات . والثانية التدرج في صلاحيات معينة مدة لأتقل عن ثلاث سنوات ) في حين نصت المادة (19) 1 ـ على من أختار الطريقة الأولى أن يلتحق بمكتب محام وعليهما أن يقدما إلى النقابة إقرارا بذلك موقعا منهما .2 ـ للمحامي المتمرن في السنة الأولى من تسجيل اسمه في الجدول . أولا ـ أن يمارس بمفرده المرافعات في الدعاوى الصلحية ودعاوى الأحوال الشخصية ودعاوى الجنح والمخالفات وحضور التحقيق فيها واستعمال طرق الطعن في الإحكام والقرارات الصادرة فيها وتعقيب المعاملات لدى المراجع القانونية كافة . ثانيا ـ أن يمارس  بمعية المحامي الممرن المرافعة في الدعاوى البداءة المحدودة واستعمال طرق الطعن في الإحكام والقرارات الصادرة فيها . وبالتالي فهو ملزم بالحفاظ والكتمان على إسرار مهنة المحاماة من خلال مدة الاطلاع ويكون خاضعا لنص المادة ( 437 ) من قانون العقوبات التي تفرض عقوبة على من يفشي إسرار المهنة .

4 ـ المحامي غير المزاول

لقد نصت المادة (15/ الفقرة 2) على ( للمحامي أن يطلب أعادة اسمه إلى جدول المحامين الممارسين متى كانت الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية متوافرة فيه أذا كان نقل الاسم إلى جدول غير الممارسين بسبب مخالفته المادة الرابعة عشر فيجب أن تكون الأسباب التي دعت إلى ذلك قد زالت أسباب استبعاد أسمه من الجدول وفق المادة (14 ) وذلك بقرار من مجلس النقابة بعد تقديمه طلبا بذلك) . ويعني هذا أن على المحامي للعودة إلى مزاولة المهنة أن يقدم طلبا يحضى بموافقة مجلس النقابة وعليه أن يلتزم بعدم إفشاء أي سر من إسرار المهنة الذي حصل عليه بحكم مزاولته لها وبخلاف ذلك فأنه يخضع لعقوبة المادة (437 )  من قانون العقوبات رقم ( 111 لسنة 1969 ) وتعديلاته  .

خامسا ـ أركان وصور وطرق جريمة إفشاء إسرار مهنة المحاماة

يعرف الإفشاء بأنه الإفضاء بواقعة معينة إلى شخص يجهلها بصفة كلية أو جزئية أيا كان قدر المعلومات التي تلقاها. وكما هو معروف فأن أركان هذه الجريمة لا تختلف عن بقية الجرائم فلابد من توفر الركن المادي الذي هو فعل الإفشاء إي السلوك ألجرمي الذي قد يكون نتيجة فعل ايجابي أو سلبي وأن تتوفر  علاقة سببية بين الفعل والنتيجة . وأما صور إفشاء إسرار مهنة المحاماة  فهي ـ إفشاء واقعة معروفة من قبل ـ الإفشاء من أمين لأمين أخر ـ الإفشاء من شخص لشخص أو عدة أشخاص  ـ الإفشاء إمام القضاء ـ الإفشاء الجزئي أو الكلي ـ الإفشاء الصريح أو الضمني ـ الإفشاء لصاحب  السر . وأما طرق الإفشاء فهي أما بالنشر أوبالقول أو بالفعل أو بالكتابة . وفي كل الأحوال فأن جريمة الإفشاء أو الشروع في ارتكابها من قبل الملزمين الذين تمت الإشارة إليهم تحت عنوان (رابعا) من هذه الدراسة حتى ولوتم ترويج جريمة الإفشاء فيما بينهم وبأي صيغة كانت إلا إن هناك حالات يجوز فيها الإفشاء منها1ـ رضا صاحب السر 3 ـ التبليغ عن الجرائم 2 ـ حالة الضرورة وبشروط منها ( يجب أن يكون الخطر جسيما ـ وأن يكون الخطر حالا ـ وأن لأتكون هناك وسيلة لدفعه ـ وأن لأتكون لإرادة المتهم دخلا في وقوعه ـ وأن يكون الخطر واقعا على المال أو النفس ـ وأن يكون متناسب مع جسامة الخطر) ومسألة أثبات هذه الحالات وغيرها تعود إلى اجتهاد القضاء فله القول الفصل في ذلك .

سادسا ـ عقوبة إفشاء الإسرار في قانون المحاماة

تعرف العقوبة بأنها الجزاء الذي ينص عليها القانون وتصدر عن القضاء على من تثبت إدانته عن الجرم الذي أرتكبه وهذه هي العقوبة الجزائية . وأما العقوبة التأديبية فهي الجزاء للمخطئ في عمله المهني والذي يشمل المزايا القانونية لذا ترتب على المحامي الالتزام بكتمان إسرار مهنة المحاماة وإلا تعرض للمسئولية  القانونية . في قانون المحاماة رقم ( 173 لسنة 1966 ) وتعديلاته . في الباب الثامن في السلطة التأديبية تضمنت المادة (108) محاكمة المحامي تأديبيا في حالة أخلاله في واجب من واجبات المحاماة أو تصرف تصرفا يحط من قدرها وقام بعمل يمس كرامة المحامين . وتضمنت المادة (109)  العقوبات التأديبية والتي يجوز العمل بها وهي 1ـ  التنبيه . ويكون بكتاب يوجه للمحامي يلفت فيه نظره إلى ما وقع منه ويطلب منه عدم تكراره مستقبلا . 2 ـ المنع من ممارسة المحاماة لمدة لا تزيد على سنة واحدة اعتبارا من تاريخ الحكم النهائي الصادر ضده ـ 3 رفع الاسم من جدول المحامين ويترتب عليه فصل المحامي من عضوية النقابة وحرمانه من ممارسة المحاماة اعتبارا من تاريخ تبلغه بالحكم النهائي الصادر ضده .  وفي المادة (110)  تضمنت الطريقة التي تستخدمها السلطة التأديبية ومن بينها ـ يكون تأديب المحامي من اختصاص مجلس يشكل في كل محكمة استئناف برئاسة رئيسها أو نائبه وعضوية أثنين من المحامين يختارهما مجلس النقابة من غير أعضائه ممن توافرت فيهم شروط العضوية فيه . وهناك عددا من الإجراءات التي تضمن حقوق المحامي منها 1ـ لا يجوز رفع الدعوى التأديبية على المحامي الأ بقرار من مجلس النقابة أو من رئيس الادعاء العام 2ـ ترفع الدعوى أمام مجلس التأديب بمنطقة الاستئناف التي يقع مكتب المحامي في دائرة اختصاصها 3 ـ تنظر الدعوى في جلسة سرية 4 ـ يصدر الحكم بالأكثرية وأن يكون مسببا 5ـ وأن تتلى أسبابه مع منطوقة في جلسة سرية . وهناك أيضا للمحامي حقوقا أخرى منها الرد والدفاع عن التهم التي تنسب إليه في الدعوى التأديبية . ويمكن للقارئ الرجوع إلى الباب الثامن من القانون لزيادة المعلومات فيما يتعلق في عقوبة إفشاء إسرار مهنة المحاماة .

 الاستنتاجات

بعد هذا الدراسة عن جريمة إفشاء إسرار مهنة المحاماة وأهمية المحامي في الدفاع عن الحريات والحقوق التي تمس إفراد المجتمع وما ورد بشأن الدفاع عن المتهم  في دستور 2005 (المادة 19/ الفقرة الحادي عشر)  بشان انتداب المحامي وكذلك ما ورد في قانون أصول المحاكمات الجزائية ( المادة 144 /الفقرة أ ) والتوكل المجان من قبل المحامين بتكليف من النقابة أو بدون علمها لهو خير مثال على إنسانية المهنة وكرم المحامين . ومن خلال هذه الدراسة توصلنا إلى النتائج الآتية : ـ

1 ـ حسنا فعل المشرع في التوفيق والمزاوجة بين النظريتين المطلقة والنسبية وأخذ بنظر الاعتبار مبدأ المصلحة الاجتماعية ونظرية النظام العام .

2 ـ أن التزام المحامي بالمحافظة على إسرار المهنة والمعلومات التي تصل إليه أيا كان مصدرها فهو ملزم بكتمانها حتى ولو حسمت الدعوى وتم إصدار الحكم النهائي فيها .

3 ـ كما يلاحظ أن المشرع قد شمل معظم المهن دون استثناء وألزم المعنيين بكتمانها والسرية كما ورد في المادة ( 437 ) من قانون العقوبات .

4 ـ كما أن المشرع لم يعاقب على الشروع في جريمة الإفشاء بل اكتفى بالعقوبة على الإفشاء التام . وأرى أن الشروع لا يتحقق في جريمة الإفشاء ولا يمكن تصور وقوعه .

5 ـ وفي قانون العقوبات تبين أن المشرع جمع بين عقوبة الحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين . في حين اكتفى بالعقوبات التأديبية في قانون المحاماة وعدم أشراك السلطة القضائية في المجلس التأديبي .

التوصيات :

1ـ من الضروري وضع تعريف لمهنة المحاماة في مسودة مشروع فانون المحاماة الجديد الذي تم إرساله إلى مجلس النواب لقرأته بغية تمريره والتصويت عليه ومن ثم أصدارة .

2 ـ أهمية أشراك القضاء في عضوية المجلس التأديبي لتأكيد الحيادية وتحقيق العدالة . وفي حالة تعذر ذلك لأسباب مقنعة من قبل النقابة نرى أن يضم المجلس أحد القضاة المتقاعدين المنتمين للنقابة ونال عضويتها مع توفر بقية الشروط المطلوبة

3 ـ شمول المساعدين العاملين في مكتب المحامي بعدم إفشاء إسرار مهنة المحاماة والمعلومات التي تصل إليهم نتيجة عمله واطلاعه. وتطبيق المادة (437) من قانون العقوبات رقم 111( لسنة 1969) وتعديلاته  .

المصادر

ـ القاضي العسكري أحمد عيد النعيمي ـ  جريمة إفشاء إسرار مهنة المحاماة ـ دراسة مقارنة بين التشريع الأردني والمصري والعراقي ـ الطبعة الأولى ـ 2010 ـ  دار وائل للنشر والتوزيع .

ـ جواد عبد الكاظم محسن ـ تاريخ نقابة المحامين ـ صحيفة المثقف ـ العدد 5683 ـ 28 / 3 / 2022 م

ـ سلامة احمد كامل ـ الحماية الجنائية لإسرار المهنة ـ رسالة دكتوراه ـ جامعة القاهرة ـ مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ( رسالة جامعية )

ـ الطالب فائق سليم هوير خميس الجنابي  ـ مستولية المحامي المدنية الناشئة عن إفشاء السر المهني ـ دراسة مقارنة ـ كلية الحقوق ـ جامعة الشرق الأوسط ـ أب  ـ 2020

ـ  شاكر العاني ـ نشوء المحاماة وتطورها في الحضارات الإنسانية ـ مجلة القضاء العراقي ـ بغداد ـ العراق ـ 1984

ـ دراسات ومقالات لكاتب هذه الدراسة ذات علاقة بها نشرت على موقع المنتدى العراقي للنخب والكفاءات منها ( مهنة المحاماة ـ نقابة المحامين ـ انتداب المحامي ـ مبدأ استقلال مهنة المحاماة ـ عالم المحاماة ـ القضاء الواقف ـ المحاماة مهنة الشجعان )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى