اللجنة القانونية

الورقة البيضاء بين النظرية والتطبيق

الورقة البيضاء بين النظرية والتطبيق

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

ان ورقة الاصلاح التي قدمتها حكومة السيد الكاظمي بحاجه الى الكثير من الاجراءات الشجاعة والمواقف الجريئة والصعبة والى اصدار قوانين وانظمة وتعليمات قد لا تروق للأغلبية الماسكة بالسلطة لانها تمس بشكل مباشر مصالحهم وفسادهم الذي اعتادوا عليه ومنذ الاحتلال وبالمناوبة والتداول وعلى حساب المواطن .

والمطلع على مضامين الورقة يجد انها تلزم رئيس الحكومة بشكل غير مباشر إقالة مسؤولين بارزين اقوياء يشغلون مناصب حكومية رفيعة وسوف يتصدى للورقة وبقوة بعضاً من الكتل السياسية الكبيرة والصغيرة التي تتحكم بمصير العراق .

ولغرض تحقيق العدالة والانصاف في تطبيق الورقة لابد من تكليف مجلس القضاء الاعلى والادعاء العام بتشكيل لجان قضائية وذات طابع مالي واداري لمراجعة وتدقيق المعاملات لعددا من الوزارات والمؤسسات الحكومية المشهورة بالفساد والتحقيق فيها وضمن سقوف زمنية محددة . بغية الوصول الى الفاسدين وأحالتهم الى المحاكم وكما ان اجراءات الحكومة حتماً ستطال القضاء على الترهل والتراجع والفشل الذريع داخل الدولة وان هذه الاجراءات بحاجة الى دعم من الجيش الحكومي لتنفيذها وانهاء نفوذ العصابات المسلحة التابعة للأحزاب النافذة وذات الاجنحة العسكرية والتي تعمل خارج اطار الدولة والقانون .

وقد تواجه الورقة بقوة السلاح في حالة اخلاء ممتلكات الدولة من الشاغلين لها ومنذ الاحتلال والمملوكة للدولة او للغير كما تضمنت الورقة مطاردة عصابات التهريب للنفط ومشتقاته و تعزير موارد الدولة في مجال الصناعة والزراعة والسياحة والجمارك والاتصالات والاستثمار من خلال تطبيق قانونه  رقم13 لسنة 2019 .

وسوف نرى ان هذه الورقة الاصلاحية سترفض رفضاً قاطعاً من قبل أغلبية الاحزاب والقوى السياسية المستفيدة والمتنفذة مادياً مضافاً الى ذلك فأنها تشكل ضربة موجعة لها ولشبكات كبيرة معروفة ومؤثرة ومتحكمة في موارد الدولة بسبب تقليل الاعتماد على الاستيراد والتصميم على دعم الانتاج الوطني .

ان عدداً من القوانين والقرارات لتطبيق الورقة تستدعي التصديق عليها من قبل مجلس النواب لتمريرها وحتماً ستواجه صعوبات ومطبات وتفاهمات ومساومات وتوافق سياسي قد تؤثر على الاصلاحات خلافاً لما ورد في الورقة لتضعف من اهدافها وتبقى تراوح في مكانها كما جرت العادة لعدد من القوانين .

والمطلع على محتوى الورقة يجد انها تهدف الى بناء دولة مؤسسات حقيقية وانها ستواجه تحديا ومعارضة قوية قد تصل الى التصادم والتراجع عن تحقيقها فهناك احزاب وتنظيمات مسلحة تقاسمت فيما بينها مؤسسات الحكومة وبالتالي لا يجوز المساس بها قطعاً . الا ان التصميم على تطبيق الورقة على ارض الواقع سيحظى بتأييد شعبي شامل نتيجة الاحتجاجات واستمرار ثورة تشرين وتراجع الخدمات العامة والاوضاع المعاشية وتصاعد البطالة وتردي الاوضاع الامنية وتفشي الفساد واتساع مساحة الفقر والقائمة تطول .

ونرى ان الورقة البيضاء تعتبر ثورة اصلاحية جذرية شاملة لإنعاش الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي وترسيخ الامن والامان فهل تقدر حكومة السيد الكاظمي الوفاء بها ؟ انها مغامرة غير محسوبة العواقب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى