اللجنة القانونية

المادة ( 41 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 وتعديلاته

المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

يلاحظ أن تطبيق المادة ( 41 / 1) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 بقي محل جدل وخلاف ونقاش مستمر وتباينت الآراء وتباعدت واقتربت . لقد نصت المادة على أنه (لا جريمة أذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون . ويعتبر استعمالاً للحق .

1 ـ تأديب الزوج لزوجته وتأديب الإباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا أو قانونا أوعرفاً .

2 ـ عمليات الجراحة والعلاج على أصول الفن متى أجريت برضاء المريض أوممثله الشرعي أو أجريت بغير رضاء أيهما في الحالات العاجلة .

 3 ـ أعمال العنف التي تقع أثناء الألعاب الرياضية متى كانت قواعد اللعب قد روعيت .

 4 ـ أعمال العنف التي تقع على من أرتكب جناية أوجنحة مشهودة بقصد ضبطه .

 أن الفقرة 1 التي تضمنت حق التأديب لم يكن لها تطبيق ملفت للنظر قبل الاحتلال عام 2003 إلا نادرا وبأعداد متواضعة غير ذات اعتبار كما يلاحظ ألان . ويرجع ذلك إلى استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغياب الحرية المنفلتة بلا ضوابط  . لهذه الأسباب وغيرها تواجدت جرائم العنف ضد الزوجة والأطفال والأولاد القصر التي سجلت أرقاما مخيفة  تنذر بوقوع انفلات مجتمعي متصاعد ما لم تتخذ الدولة الإجراءات الكفيلة للقضاء على هذه الظاهرة بالوسائل المشروعة .

 المهم أن بقاء هذا الحق في المادة ( 41 /1 ) يعتبر تشجيعا وتأيدا لمن لايفهم معنى حق التأديب ضانا منه أن استعمال العنف والضرب المبرح الشديد مشروعا ووسيلة من وسائل التأديب لا يعاقب عليها القانون  حتى ولو ترك جروحا عميقة أو عاهة مستديمة .

أن تأديب الزوج لزوجته وبقية الذين شملتهم هذه الفقرة لا يعني الضرب وإنما يقصد به النصح والإرشاد والإصلاح وبخلاف ذلك  تطبق بحق الفاعل العقوبات الواردة في المادتين (413 و415 ) من قانون العقوبات . وبهذا الصدد فأن المحكمة الاتحادية العليا في جلستها في 4/ 8 /2019 ردت طعنا بعدم دستورية المادة (41 / 1) بسبب تعارضها مع المواد الدستورية (14) التي نصت على ( العراقيون متساوون أما القانون دون تميز بسب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ) وكذلك مع المادة 29 / رابعا التي نصت على ( تمنع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع ) وكذلك مع المادة (30 / أولا التي نصت على ( تكفل الدولة للفرد وللأسرة وبخاصة الأطفال والمرأة . الضمان الاجتماعي  والصحي والمقومات الأساسية للعيش في حياة حرة كريمة تؤمن لهم الدخل المناسب والسكن الملائم )  وهذا ما تضمنته لائحة الطاعن . الأ أن المحكمة ردت دعوى الطاعن حيث تضمن قرارها وصفا دقيقا لحق التأديب الذي لا يبيح العنف ضد الزوجة والأبناء والطلبة القاصرين وأن عملية الإصلاح والتقويم يجب أن تتفق مع المبادئ الدستورية كونها تهدف إلى حماية الأسرة .

ويفهم من قرار المحكمة أن هذه المادة لا تتقاطع أو تخالف الدستور . ألا أن الجدل مازال  قائما ومستمر بين المعنيين والمختصين والمهتمين في أيجاد حلولا ناجعة ومعادلة منصفة لتطبيق هذه الفقرة (1) التي تفتقر إلى الضوابط والشروط الواجبة لممارسة حق التأديب .

 أن اللجان التشريعية التي تولت صياغة وانجاز  مشروع قانون العقوبات الجديد  حسمت هذا الجدل  فحذفت (الفقرة 1 من المادة 41) وأعادت صياغة بقية الفقرات بما ينسجم ويتوافق مع الظروف والأحوال التي واكبت المجتمع والمتغيرات التي طرأت عليه .

 ونعتقد أن هذا المشروع الذي أرسل إلى مجلس النواب قد لايرى النور  إلا بعد سنوات ولعدة دورات مالم يكلف مجلس القضاء الأعلى الذي شارك في صياغته من يتابع هذا المشروع مع الدائرة القانونية في مجلس النواب . ونحن نرى أن هناك عددا من مشروعات القوانين ذات العلاقة بحالات العنف الأسري مودعة لدى المجلس نقترح أن تكون ذات أولوية منها مشروع قانون مناهضة العنف الأسري المرسل إلى المجلس في 16 /9 / 2019 والذي تمت قراءته لاكثر من مرة دون نتيجة . ومشروع قانون حماية الطفل الذي أنهى المجلس القراءة الأولى  للمشروع في 6/ 11 /2022 كما نأمل من مجلس النواب أجراء تعديلات جوهرية على قوانين مكافحة الفساد المالي والإداري بتغليظ العقوبة المالية والسالبة للحرية التي تساهم في تحجيم جرائم العنف الأسري . ودعم وسائل الإعلام التي كان لها دورا رائدا في كشف الكثير من القضايا وبجهد شجاع تشكر عليه . وهناك الكثير من الإجراءات التي نأمل من الحكومة القيام بها وأن لا تتهاون في أنفاذ القوانين بجدية وحزم بحق من يخالفها مهما كان مركزه الوظيفي أو الاجتماعي أو الحزبي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى