اللجنة القانونية

المادة (38) من الدستور العراقي بين الصياغة والتطبيق

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية

المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

الملاحظ أن نص المادة ( 38) من دستور 2005  تضمن ( تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب:

 أولاً : حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.

 ثانياً : حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.

 ثالثاً : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون. )

 

 والنظام العام يعني مجموعة القواعد القانونية الملزمة للجميع والتي لا يجوز مخالفتها لأنها تتعلق بنظام المجتمع وكل من يخالفها هو باطل . وللنظام العام خصائص منها أنه قواعد آمرة وأنه فكرة واسعة ومرنة ومتطورة وتتسم بالعمومية والشمول وحماية كافة الحريات . أذن يجب على السلطة والمجتمع مسايرة التوافق والمرونة والتطور والمتغيرات التي تنسجم مع هذه القواعد. 

 وإما الآداب العامة فهي مجموعة القواعد والأحكام المتعلقة بالأخلاق والحشمة والمحاسن والمسأوىء . وعلى الجميع أتباع الفرز الحقيقي بين هذه المفردات وقرأتها وتطبيقها بشكل سليم .

 في الفقرة أولاً في أعلاه منحت حق حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل ومنها حرية التعبير بواسطة الصحافة وتكوين الجمعيات والنقابات المهنية وحرية الفكر والدين والعبادة والحرية الاقتصادية في التملك . وأن يملك المواطن أرادة كاملة في قول الآراء والأفكار التي يؤمن بها بكامل حريته ولكن ضمن أطار القانون والأعراف والتقاليد الاجتماعية . في حين أن حرية التعبير هو امتلاك المواطن الحق في التعبير وبكل الوسائل عن الأفكار والمعتقدات والآراء في القوانين والأنظمة التي قد تتعارض مع هذا الحق الشمولي أحيانا . فهذا الحق تقيده السلطة لاعتبارات ذات صلة بأمن المجتمع وحماية مصالحه وحقوق الآخرين من التجاوزات الضارة والمؤذية الناجمة عنها . والوسائل عن التعبير كثيرة منها   المرئية والمكتوبة والمسموعة .

 وإما الفقرة ثانياً التي تضمنت حرية الصحافة والطباعة والإعلان والنشر فهذه الحرية يجب أن لأتكون مطلقة وأن تطبق وفقا للنظام العام والآداب وبما لا يخدش تقاليد وأعراف وعادات المجتمع وتقاليده النافعة والمفيدة . وأن يكون الإعلام أو بما يسمى ( بالسلطة الرابعة ) الأكثر حرصا على مراعاة ذلك بعيدا عن التحريض والتشجيع لممارسات خاطئة ومضرة بالمجتمع أو خارجة على القانون . ناهيك عن منصات التواصل الاجتماعي التي بدأت الدولة في متابعة المضر والمؤذي والمتداول الذي أطلق عليه تسمية مصطلح ( المحتوى الهابط) ومحاسبة المروجين له على وفق المادة ( 403 ) من قانون العقوبات رقم (111 لسنة 1969) وتعديلاته . شرط أن يكون للقضاء القول الفصل في توصيف التكييف القانوني السليم لكل حالة تحقيقا ومحاكمة بعيدا عن تأثير السلطة والأجهزة التي تتولى إجراءات التحقيق .

 وفي الفقرة ثالثاً تضمنت حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون . وهذه الحرية مضمونة ومكفولة دستوريا وعلى الدولة مراعاتها والعمل على ضمان ممارستها وأن تبتعد عن وضع مطيات وموانع تحد منها . كما نأمل من السلطة التشريعية التخلي عن موضوع التباطؤ والتأخير وأسلوب تراكم القوانين لسنوات على الرغم من أهميتها وبالذات التشريعات ذات الصلة بالحرية ومنها التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي حيث سبق لمجلس النواب مناقشة هذا المشروع في (2010 و2016 ) ثم أعيد عرضه ألان على المجلس مرة أخرى وقد يتم صرف النظر عن المشروع بسبب الخلافات وتباعد الآراء بين الكتل والأحزاب الممثلة في المجلس . 

وفي أدناه ملاحظاتنا على صياغة وتطبيق المادة ( 38 ) من الدستور . 

1ـ نأمل العمل على أنجاز تشريع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي خلال دورة مجلس النواب الحالية . وعدم تأجيل تشريعه لأي سبب علما بأن السادة أعضاء مجلس النواب والكتل النيابية والأحزاب عرضوا أغلب ملاحظاتهم في جلسة (28) آذار من هذا العام .  

2 ـ أن لا يشترط أخذ الموافقة المسبقة لممارسة حق التظاهر السلمي وإنما يكتفي أشعار الجهات المعنية  بزمان ومكان ممارسة هذا الحق . وعلى السلطة أن  تتولى توجيه الأجهزة المعنية اتخاذ التدابير اللازمة لتوفير الحماية المطلوبة .

3 ـ ضرورة دراسة مشروع القانون بتروي وتعديل أو إلغاء المواد التي تتعارض مع حق التظاهر ومنها  رفع العقوبات وإلغاء الشروط  والقيود التي تكبل هذا الحق الذي كفله الدستور للمتظاهرين .   

3 ـ من الضروري الأخذ بنظر الاعتبار ما نصت عليه المادة ( 29/ أ) ( الأسرة أساس المجتمع وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والأخلاقية والوطنية ) . والمادة ( 42 ) ( لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة ) عند تشريع هذا القانون . 

4 ـ نأمل أنجاز مشروع قانون جرائم المعلوماتية ومشروع قانون الملكية الفكرية لعلاقتهما بمشروع حرية التعبير عن الرأي وبقية المشروعات . وممكن لمجلس النواب عقد جلسات مجدولة إضافة إلى الجلسات الاعتيادية للمجلس لانجاز تشريعات القوانين المتأخرة  .

5 ـ العمل على وضع أسبقيات زمنية محددة لانجاز  مشروعات القوانين التي ترد إلى مجلس النواب على أن لاتتخطى دورة المجلس وخير مثال على ذلك مشروع قانون الموازنة الاتحادية الذي بات يراوح في مكانه بحجة غياب العدالة في توزيع حصص المحافظات وإقليم كردستان للحكم الذاتي والوزارات ومؤسسات الدولة التي لبست لها موارد لتغطية نفقات خدماتها وواجباتها . 

6 ـ  أن يتم التعامل مع الإعلام كسلطة رابعة مستقلة مكملة لعمل السلطات الثلاثة وأن تحمل هذه الصفة في أول تعديل للدستور ويمكن لنقابة الصحفيين أعداد مشروع التعديل بالتنسيق مع اللجنة القانونية في مجلس النواب وبقية الجهات ذات الصلة .  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى