اللجنة القانونية

الدولة العميقة

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 بعد احتلال العراق تعرضت الدولة ومؤسساتها واجهزتها الادارية والامنية وقواتها المسلحة والبنى التحتية الى الانهيار الكامل وانتهى بها الحال الى فقدان كل شيء فظهر الارهاب والفساد وانتهكت الحقوق افرادا وممتلكات .وبعد تشكيل الاحزاب والتنظيمات المسلحة والميليشيات بدا الحديث عن مصطلح الدولة العميقة التي هي عبارة عن مجموعات من التحالفات المتنفذة المعادية للنظم السياسية وحكوماتها واجهزتها الامنية وقواتها  المسلحة وقضائها .

وهذه التحالفات تعمل بالضد فيما بينها وبكل الوسائل الا انها تتضامن لتحقيق مصالحها وامتيازاتها خارج اطارالدولة والقانون وهي غير معروفة وخفية تدير الدولة بعيدا عن سلطاتها ومؤسساتها. وانها تغزو مجالات سياسية واقتصادية ودينية وثقافية لتحقيق اهدافها وقد يطلق عليها تسمية الدولة الموازية او الدولة الخفية او الدولة غير المنسجمة .ومع ذلك فلها مزايا ايجابية في تنمية الاقتصاد والامور المصرفية والقانونية وقدرتها على الانجازات العلمية خدمة لمصالحها . آلا ان هناك مساوئ سلبية ومؤذية تشكل خطورة على الدولة الرسمية حيث تتداخل معها لغرض تامين  مصالحها بحجة الحفاظ على الامن القومي او لضرورات اقتصادية وادارية .

ولقد انتشر هذا المصطلح في اوربا الشرقية وبعضا من دول الربيع العربي او ما يسمى بتصدير الفوضى الخلاقة وكان للأعلام المفبرك دورا كبيرا عندما دخل على خط المواجهة ليوظف قدراته وامكانياته في خدمة هذه الدولة وبدا يتحدث عن الثورات المضادة للتحرر والحرية باعتبار ان الاعلام احد الاذرع القوية لهذه الدولة الخفية والتي هي عبارة عن دولة داخل دولة . اما مواصفات هذه الدولة فيمكن ايجازها

( 1) اعتمادها على القوى الخارجية وتلقي توجيهاتها وتنفيذ اوامرها

(2) تودي الى ضعف في امكانيات الدولة الرسمية وتأثيرها في القرارات العامة (3) ان اجهزة الرقابة فيها تهدف الى السيطرة على المجتمع والتلاعب بمقدراته بدلا من حماية الدولة والمجتمع

(4) تجعل من العاملين في اجهزة الدولة الرسمية يجهلون ما يجري على ارض الواقع ومتغيراته

(5) عدم مراعاة هذه الدولة للقواعد الاخلاقية والدينية والقيم الاجتماعية

(6) تسعى الى تغيب سلطة الشعب في الرقابة والاشراف على اداء الحكومة ومؤسساتها بغية تطبيق القوانين بعشوائية وتميز

 (7 ) انتشار الفساد المالي والاداري ظاهريا وخفيا .

ومع ذلك فان هناك اجراءات لتحجيم هذه الدولة ومن ثم القضاء عليها ومنها تفعيل الاغلبية من المجتمع التي تفضل المصالح العامة على المصالح الخاصة. وتولي النخب واصحاب الخبرة والكفاءة قيادة التغير .والتحرك باتجاه الحصول على دعم اقليمي ودولي محايد . وتفكيك الذراع المالي لهذه الدولة . وكسب تأييد الجيش والاجهزة الامنية والقضاء . واعتماد الاعلام الحقيقي المعبر عن ارادة الشعب لفضح خفايا الفساد وانتهاكات حقوق الانسان في هذه الدولة . ان العراق ينحدر باتجاه مقومات هذه الدولة ما لم تتخذ التدابير لحماية العراق كي لا يصبح دولة عميقة وينحدر الى الهاوية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى