اللجنة القانونية

الدولة الدستورية

الدولة الدستورية

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 

المعروف لدى الجميع ان الدستور هو القانون الاسمى والاعلى وانه ليس هناك دولة تعمل بدون دستور مهما كان نظام الحكم فيها وان معظم دساتير الدول تتضمن القواعد الاساسية لشكل الدولة ونظام الحكم فيها وعمل السلطات من حيث الاختصاص والصلاحيات وتنظم العلافة بينها .

وتحتوي كذلك على الحريات والحقوق الاساسية للأفراد والضمانات لها تجاه السلطات ومؤسساتها التابعة لها والواجبات المطلوبة من افراد المجتمع وكيفية تطبيقها وضمانات الحصول عليها وممارستها .

 صحيح ان وجود دستور يضمن ويكفل قيام حكم دستوري وبالتالي فان كل دولة تحرص ان يكون لها دستور مهما كان نظام الحكم فيها جمهوري او ملكي .

 ولكن لا يطلق عليها تسمية ( دولة دستورية) فالدولة الدستورية يجب ان تتوفر فيها عددا من الشروط التي يخضع لها اي نظام حكم ومن بينها عدم تركيز السلطة بيد من يحكم الدولة بل لابد من توزيع السلطات على هيئات مستقلة مختلفة يقيد بعضها سلطات البعض عن طريق الرقابة المتبادلة التي ترفض مركزية القرار . وان يخضع النظام وحكومته لحكم القانون والالتزام به في كل اعمالها وتصرفاتها .

وان يتم تشكيل الحكومة وفقا للدستور وشروطه والاختصاصات التي يمنحها الدستور لها وان لا تمارس اية اختصاصات لم ترد في الدستور او تتعارض مع النظام الدستوري والا اصبحت حكومة غير شرعية . ومن بين شروط الدولة الدستورية :

اولا ـ وجود دستور تلتزم به الدولة وتخضع له ولا  يجوز لها الخروج على اي نصا فيه .

ثانيا ـ الاخذ بمبدأ تدرج القواعد القانونية فهناك تدرج للقوانين فهي ليست في مرتبة واحدة الامر الذي يجعل بعضها اعلى من بعض عند التطبيق . اذن فالدستور ثم التشريع ثم اللوائح والقرارات الادارية .

ثالثا ـ  ويجب الاخذ بمبدأ الفصل بين السلطات لحماية حقوق الافراد وحرياتهم من تعسفها .

رابعا ـ وجود رقابة قضائية واخرى ادارية لضمان تطبيق الدستور. وعندما يحسن التطبيق بشكل سليم مع التقيد بهذه الشروط قد نصل الى الدولة الدستورية . وقد يتضمن الدستور نصوصا مثالية وزاهية ومغرية ومرنة الا انها تطبق بشكل سيء ومقصود خلافا لما يقصده المشرع الدستوري .

وقد تصاغ نصوصا تتسم بالخطورة تفتح باب الاجتهاد القانوني والفقهي لمن يتولى صياغة القوانين الامر الذي يودي الى الخلاف والفوضى والتناحر بين الاكثرية والاقلية في البرلمان فتولد قوانين ظالمة ومجحفة وفئوية وهذا ما تضمنه  دستور 2005 ابتداء من الديباجة الخبيثة والطائفية ومعظم النصوص ومنها ( المادة 1 و2/ ثانيا و4 / رابعا و 5 و7 و10 و42 و43 و45 و65 و112 و114 و116 و لغاية 122 و133 و134 و135 و140 و141) ولكي يوصف العراق بالدولة الدستورية .

نرى ـ ان يتم انتخاب جمعية وطنية من بين النخب والكفاءات المختصين في المجال الدستوري والقانوني والفقهي لصياغة مسودة الدستور ـ و طرح المسودة على الجمهور في ندوات ومؤتمرات شعبية  لا بداء الملاحظات والمقترحاتـ عليها ـ وانجاز المسودة بصيغتها النهائية ومن ثم التصويت عليها ـ وانتخاب البرلمان والحكومة والرئيس ـ والاهم من كل ذلك ان يتم تطبيق مواد الدستور يشكل دقيق وسليم وبشافية وحيادية وان لا يشرع قانون يطال ويخالف الدستور .

وحينها تتحقق المعجزة ويقال ان العراق اصبح دولة دستورية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى