اللجنة القانونية

الأعذار في قانون العقوبات العراقي

الأعذار في قانون العقوبات العراقي

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

 الأعذار هي الحجة والسبب الذي يبرر للشخص فعل ما . والقدرة على الخروج من الذنب بحجة مقبولة ومقنعة . ويقصد بالأعذار القانونية هي إحدى الأسباب التي تعفي الجاني من العقوبة أو تخففها والتي نص عليها المشرع العراقي في المادة ( 128 / الفقرة 1) من قانون العقوبات رقم ( 111 لسنة 1969) وتعديلاته ( الأعذار أما تكون معفية من العقوبة أو مخففة لها ولا عذر  إلا في الأحوال التي يعنيها القانون وفيما عدا هذه الأحوال يكون عذرا مخففا ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة أو بناء على أستفزاز خطير من المجني عليه بغير حق ) .

والملفت للنظر إن الأعذار  وردت على سبيل الحصر والتحديد فلا يحق للمحكمة أن تجتهد في التطبيق ولا تملك  المحكمة حق الاجتهاد في تفسيرها لأنها ذات طبيعة واحدة وملزمة . وأن المشرع هو من تكفل تحديدها بنص واضح وصريح وأغلق باب الاجتهاد والتأويل . وأن مبرر النص على الأعذار كونها وردت في القانون ويعود التقصي والتحري عنها من قبل المحكمة الأمر الذي يتوجب على المحكمة العمل بها حال توفرها  . كما أن ميزت هذه الأعذار أنها شرعية وملزمة من حيث تطبيقها متى توفرت في الجريمة أركانها ولا علاقة لها في وصف الجريمة المرتكبة حيث تبقى كما هي ( جناية أو جنحة أو مخالفة ) بل تؤثر في العقوبة بالإعفاء أو التخفيف تحديدا .

أن الفقرة ( 2 ) من نفس المادة أعلاه ألزمت المحكمة بيان أسباب العذر المعفي من العقوبة في قرار الحكم حيث نصت ( يجب على المحكمة أن تبين في أسباب حكمها العذر المعفي من العقوبة ) في حين ورد في  المادة ( 129) الآتي (العذر المعفي من العقاب يمنع من الحكم بأية عقوبة أصلية أو تبعية أو تكميلية ) . كما لا يجوز التوسع  في تطبيق الأعذار ليشمل بقية المتهمين في الجريمة لان نطاق الإعفاء يستفيد منه من توفر فيه السبب أو العذر المعفي . وفي أطار تطبيق الأعذار فلا توجد أعذارا معفية عامة وإنما محددة في الجريمة ذاتها قررها القانون لتحقيق منفعة مخففة أو معفية توظف في خدمة المجتمع وهي ضرورية ومهمة ولا أعذار دون النص عليها في القانون التي تفوق منفعته العقوبة .

وهنا لابد إن نشير إلى عددا من حالات الأعذار التي وردت في القانون :

1ـ الإعفاء لقاء خدمة يقدمها الجاني في كشف الجريمة والقبض على بقية المتهمين.

2ـ إعفاء الراشي والوسيط من العقوبة لتقديمه معلومات لكشف بقية المتهمين في جريمة الرشوة المنصوص عليها في المادة ( 311 ) عقوبات.

3ـ وكذلك في جرائم الاتفاق الجنائي في الجرائم  الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي المنصوص عليها في المواد ( 55 و56 و57 ) وأعفى عن الجناة من العقوبات في نص الجملة الثانية من المادة (58 ).

4 ـ وجرائم تقليد أو تزوير الأختام  نص المادة (218).

5 ـ الإبلاغ وإصلاح الضرر  والاعتراف ونقص الإدراك والإرادة  وصغر السن والحداثة.

6  ـ كما وردت الأعذار القانونية في نص المادة ( 256 ) (يعد عذرا مخففا رجوع الشاهد عن أقوال الزور وتقريره الحقيقة في دعوى قبل صدور الحكم في موضوعها   أو في تحقيق قبل صدور قرار موضوعي من سلطة التحقيق وإذا كان التحقيق في جريمة فقبل صدور قرار بعدم المحاكمة ).

ولابد إن نشير في نهاية مقالنا الفرق بين الأعذار المخففة والأسباب المخففة :

1ـ الأعذار المخففة هي التي ينص عليها في القانون  صراحة ولا يملك القاضي تفسيرها أما الأسباب المخففة فقد تركها المشرع للقاضي تقديرها.

2ـ التحقيق في الأسباب موضوع جوازي للقاضي أن يأخذ به أو لا يأخذ به أما في الأعذار المخففة فهو أمر وجوبي على القاضي الالتزام به.

3ـ الأعذار المخففة للعقوبة لأتغير من وصف الجريمة أما الأسباب المخففة فيمكن للقاضي تغير وصف الجريمة من جناية إلى جنحة ومن جنحة إلى مخالفة .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى