اللجنة القانونية

اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في الجرائم ضد الانسانية

اختصاص المحكمة الجنائية الدولية

بالنظر في الجرائم ضد الانسانية

    تأليف الدكتور سلوان علي الكسار ، عضو اللجنة القانونية – المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

   عرض المستشار سعيد النعمان ، عضو اللجنة القانونية – المنتدى العراقي للنخب والكفاءات               

                                                              

لعل كتاب الدكتور سلوان الكسار الذي تناول فيه اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يعد من الكتب المميزة والرائدة من بين الكتب التي تناولت هكذا موضوع مهم ومختلف عليه , فهناك العديد من الآراء المتباينة والانتقادات التي وجهت الى هذه المحكمة , الا ان اراء الدكتور سلوان اتسمت بالعلمية والقانونية فكانت اراء قيمة ودقيقة ارتبطت بمعرفته ودرايته بنشوء هذا المحكمة وتطورها التاريخي والازمنة التي عاصرتها والمراحل التي مرت بها سلباً وايجاباً , شكلاً ومضموناً .

لقد وفق الكاتب كل التوفيق في اختيار هذا الموضوع والكتابة عنه فالمحكمة الجنائية الدولية التي اصبحت تترسخ وتتجذر واصبح لها موقع قضائي عالمي ودولي واقليمي مهيب ورصين واصبح لها صدى قوي ونافذ تخشاه الحكومات والدول والرؤساء الطغاة على الرغم من انها بحاجه الى نظام تنفيذي وقضائي يختزل السقوف الزمنية التي اعتمدتها والتي اتسمت بالتباطء والتراخي فهي بحاجة الى اجراءات سريعة وحاسمة على مستوى التحقيق والمحاكمة , لقد تابع الكاتب بدايات نشوء المحكمة ونظامها الاساسي وتشكيلاتها واختصاصاتها والمعضلات التي رافقتها واوجد الحلول والمقترحات المناسبة لها . حتى توصل بمتابعاته الى نتائج وتوصيات كانت محصله جهده الفكري والقانوني والفقهي ومع صعوبة انجاز خلاصة لهذا الكتاب لما احتواه من ارقام وتواريخ لمعاهدات ووثائق صدرت مع بدايات نشوء المحكمة , الا انني عزمت ان انجز عرضاً وخلاصة متواضعة لمن يريد ان يبحر بسهولة ويسر في صفحات هذا الكتاب القيم , فهذا العرض مفتاح الدخول في طيات هذا الكتاب , في المقدمة تناول الكاتب مضامين العدالة والحرب والسلام وتأثير ذلك على البشر لذلك فأن اقامة المحكمة الجنائية الدولية امر لا غنى عنه لتحقيق وضمان الشرعية الدولية وحمايتها عن طريق محاكمة الاشخاص الذين يرتكبون جرائم دولية وكان الهدف المعلن هو تحقيق العدالة واتباع اجراءات ووسائل مستقلة وعادلة , وقد اسهمت المجتمعات الوطنية والدولية الى اقامة نظام عالمي ودولي قوي وفعال يضمن فرض سيادة القانون وكان اقربها محاكمات يوغسلافيا السابقة وابعدها محاكمة القيصر الالماني بعد الحرب العالمية الاولى وبعض الحالات المتفرقة الاخرى , وتوصلت الجماعة الدولية الى انشاء الجهاز القضائي الذي عرف بالمحكمة الجنائية الدولية عام 1998 , ونوه الكاتب الى اندلاع الحرب على العراق والذي ارتكبت خلاله العديد من الجرائم والانتهاكات لقوانين الحرب وجرائم ضد الانسانية واشار الى ان نظام هذه المحكمة لا ينطبق الا على الدول المصادقة عليه .

في الفصل الاول تناول فيه الكاتب نشأة القانون الجنائي الدولي , فالمجتمعات القديمة كانت تفتقر الى العلاقات الدولية وان نزعة الثأر والعدوان والكراهية وشريعة الأقوى هي السائدة آنذاك , الا ان قواعد  القانون الجنائي الدولي ظهرت عبر العصور من خلال الاعراف الدولية التي كانت تكشف عنها المواثيق والمعاهدات الدولية ثم تطور العرف الدولي وتجدد وصولاً الى تبلور القانون الجنائي الدولي منذ العصور الوسطى الى عصر النهضة حتى قيام الدولة الحديثة ثم منذ بداية الحرب العالمية الاولى وما تلاها حتى الحرب العالمية الثانية , في المبحث الاول من هذا الفصل تناول الكاتب التطور التاريخي للقانون الجنائي الدولي وتابع الاحداث والمراحل التي اثرت على المجتمع الدولي والاتجاهات الدولية التي كان لها الأثر في تاريخ اوربا الحديث ومن اهم تلك الاحداث , ضعف سلطة البابا وظهور المذهب البروتستانتي وظهور البرجوازية وسقوط بيزنطية بيد الاتراك , واشار الى عدد من المعاهدات التي وقعت خلال هذه الفترة منها معاهدة ويستفليا عام 1648 التي اقرت المساوات بين الدول ومعاهدة استرخت عام 1713 التي دعمت مبدأ التوازن الدولي ومعاهدة الحياد عام 1780 التي تناولت القواعد التي تناولت القواعد البحرية الدنمارك والسويد وروسيا ومعاهدة باريس للسلام عام 1856 واتفاقية جنيف 1868 واتفاقية لاها ي عام 1899 و1907 , ثم تطرف الكاتب الى الجهود الدولية قبل قيام الامم المتحدة والنجاحات التي حققتها معاهدة فرساي ومن هذه النجاحات ادخال فكرة جرائم الحرب في القانون الدولي ومسائلة الافراد دولياً عن افعالهم غير المشروعة , والأخذ بمبدأ التكامل بين القضائيين الدولي والوطني واجراءات محاكمات لاييرج عام 1923 والمقترح الفرنسي لاتفاقية دولية لمكافحة الارهاب ثم انتقل الكاتب الى الجهود الدولية بعد قيام الامم المتحدة , فالإعلان الثلاثي للحلفاء ومؤتمر شهر شباط من عام 1945 وابرز ما فيه تقسيم الجرائم المرتكبة اثناء الحرب الى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم ضد السلام والمؤامرة في ارتكاب اي جريمة من الجرائم السابقة ثم تناول الدكتور سلوان مؤتمر لندن والمخرجات التي توصل اليها والقرارات التي اتخذت منها ضرورة اجراء محاكمة مجرمي الحرب وتحديد مسؤولياتهم وايقاع الجزاء عليهم كما أصبحت هناك من المحاكمة خولت صلاحية , النظر في جرائم الحرب العالمية الثانية ( المحكمة العسكرية الدولية – محكمة نورم برج وطوكيو ) , والمحاكم العسكرية التي انشأت بموجب قانون 10 الصادر عن مجلس الرقابة في المانيا والمحاكم الوطنية التي ارتكبت فيها الجرائم , ويرى الكاتب ان اتفاقيه لندن وضعت التزام على الدول باتخاذ التدابير اللازمة لتأمين حضور كبار المجرمين للتحقيق معهم والمحاكمة امام المحكمة العسكرية الدولية في نورم برج وتحدث عن نظام المحكمة واختصاص لجنة الادعاء العام قبل المحاكمة وخلالها وبعدها , وتدارس اختصاص المحكمة فذكر الاختصاص النوعي والاختصاص الشخصي , ثم سلط الضوء على الانتقادات التي وجهت الى المحكمة ومن بينها :

  • ان اختصاص هذه المحكمة نابع من اتفاقيات بين الغالب والمغلوب .
  • ان هذه المحكمة شكلت اساساً لمحاكمة كبار مجرمي الحرب .
  • قيام المحكمة بمحاكمة اشخاص طبيعيين عن جرائم ارتكبت ضد قواعد القانون الدولي .
  • ان رد القضاة هو مبدأ نصت عليه القوانين الجنائية والمدنية لكافة الدول .
  • ان المبدأ المعتمد من قبل المحكمة كان عن جرائم ارتكبت بأثر رجعي .
  • ان المادة 17 عقوبات من لائحة المحكمة اشارت الى عقوبة الاعدام ولم تشير الى تحديد العقوبات الباقية .

ثم ينتقل الكاتب الى نشوء المحكمة العسكرية الدولية في طوكيو واللجان التي شكلتها والجرائم التي تنظرها وشخوص المتهمين وذكر العديد من الأمثلة والشواهد وتواريخ بدايات نشوء المحكمة ثم يشير الى العيوب والانتقادات التي وجهت ومنها :-

  • لم تنشأ المحكمة بموجب معاهدة دولية وانما استناداً الى قرار القائد العام لقوات الحلفاء في الشرق الاقصى
  • تنفيذ العقوبات كان محكوماً بقرار القائد الاعلى للقوات المسلحة ( مالك اوثر ) .
  • تم تحديد اسماء المتهمين واعلان لائحة الاتهام بناء على اعتبارات سياسية .
  • عدم تواجد العدالة في الاحكام لان لوائح الاتهام تم بناء على اعتبارات سياسية .

اما في المبحث الرابع من الفصل الاول تناول الكاتب المحكمة الجنائية الدولية المؤقتة ليوغسلافيا سابقاً من حيث تشكيل المحكمة واختصاصها والاحكام التي تصدرها , وقد حدد النظام الاساسي للمحكمة من المادة (1-10) الاختصاص الموضوعي والانتهاكات الجسيمة لاتفاقية جنيف عام 1949 وجريمة انتهاك اتفاقية منع العقاب على جريمة الإبادة للجنس البشري عام 1948 والجرائم المناهضة للإنسانية واخيراً انتهاك قوانين واعراف الحرب , كما أشار الكاتب الى الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة , فذكر الاختصاص المكاني والاختصاص الزماني , ثم اوضح بشكل مفصل الاختصاص الشخصي لأهميته في تحديد محاكمة الافراد والأشخاص الطبيعيين الذين ارتكبوا تلك الجرائم . في الفرع الثالث اشار الكاتب الى المأخذ على المحكمة والصعوبات التي اعترضتها ومنها :-

  • عدم تضمين النظام الاساسي التعويضات التي تدفع للمجني عليهم في الجرائم الدولية .
  • عدم توفر جهاز تنفيذي يخول صلاحيات القبض على المتهمين .
  • ان انشاء المحكمة تم بقرار مجلس الأمن رقم 808 في 22 فبراير 1992 وليس عن او معاهدة دولية .

نقص التمويل المالي والاداري للمحكمة .

في المطلب الثاني يتناول الكاتب المحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1994 والنظام الاساسي لها واختصاصاتها واوجز بشكل مفهوم واوضح اختصاصات هذه المحكمة ( الزماني والشخصي والمكاني ) ثم عرج الى المشاكل والصعوبات التي واجهت المحكمة ومنها :-

  • عدم وجود مقر متكامل للمحكمة .
  • تباطء وتراخي في عمل المحكمة لعدم كفاية الهياكل الاساسية بسبب نقص الموظفين .
  • قلة عدد القضاة .
  • عدم توافر الظروف الأمنية لتسهيل عمل المحكمة .

ومع كل هذه المعوقات والمشاكل يرى الكاتب ان فكرة تشكيل المحاكم المؤقتة خطوة هامة في مجال القضاء الجنائي الدولي والتي كانت الحافز الرئيسي  في انشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة , وان نظامها احتوى على قرارات ولوائح ومنها :-

  • اركان الجرائم والمذكرة التفسيرية الملحقة بها .
  • القواعد الإجرائية وقواعد الأثبات .
  • الاتفاق على الامتيازات والحصانات للمحكمة .
  • قواعد السلوك المهني للمحامين .

ويرى الكاتب ان هذه المحكمة هي ثمرة معاهدة دولية نتيجة اتفاق بين دول قررت التعاون ضد مرتكبي الجرائم ضد الانسانية , ثم يشير الكاتب الى تشكيل المحكمة واختيار القضاة وهيئة الرئاسة والشعب والدوائر القضائية والتي تنقسم الى الشعبة الاستئنافية والشعب الابتدائية والشعب التمهيدية ثم مهام المدعي العام وجهازه المستقل والمنفصل عن المحكمة واسلوب ادارة المحكمة ثم تطرق بالتفصيل الى الاختصاص الشخصي للمحكمة والقواعد القانونية التي تضمنها وكذلك أشار الى الاختصاص الموضوعي ( النوعي ) للمحكمة , وخصص الفرع الاول من هذا المطلب الى جريمة الإبادة الجماعية وبالذات ما ورد في المادة 6 من نظام المحكمة التي اشارت الى الافعال التي تشكل جريمة الإبادة الجماعية وهي :-

  • قتل افراد الجماعة .
  • الحاق ضرر جسدي او عقلي بأفراد الجماعة .
  • اخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد منها اهلاكها الفعلي كلياً او جزئياً .
  • فرض تدابير تستهدف منع الأنجاب داخل الجماعة .
  • نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة اخرى .

في الفرع الثاني من هذا المطلب سلط الكاتب الضوء على الجرائم ضد الانسانية والتي اشير اليها في نظام المحكمة في المادة 7 منه – القتل العمد – الإبادة – الاسترقاق – ابعاد السكان او النقل الأسري للسكان – السجن او الحرمان الشديد من الحرية البدنية – التعذيب – الاغتصاب او الاستبعاد الجنسي او الاكراه على البغاء او الحمل القسري او التعقيم القسري والاضطهاد والاختفاء القسري – الفصل العنصري والافعال الغير الانسانية الاخرى , وعن جرائم الحرب تناولها الكاتب بشكل مفصل وذكر المواد القانونية المتعلقة بهذه الجرائم التي تضمنت كماً هائلاً من الافعال التي تدخل ضمنها ويرى الكاتب ان من ضمن الاسباب المعوقة لتعريف العدوان هي المعوقات القانونية التي لها اسبابها المرتبطة بطبيعة القانون الدولي الذي يفتقر الى سلطة مركزية عليا قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة ونزيهة بخصوص النزاعات الدولية , وعن اجراءات التحقيق في الجريمة المرتكبة ضد الانسانية تناول الكاتب في المبحث الثالث الجهات التي يحق لها تحريك الدعوى وهم ( الدول الاعضاء – المدعي العام – مجلس الامن ) ويرى الكاتب ان مجلس الامن هيئة سياسية وليس هيئة قانونية تستطيع التحقيق من وقوع الجرائم وانواعها وتحديد المسؤولية فيها , ثم تناول الكاتب اجراءات التحقيق في الجرائم ضد الانسانية وأشاره الى واجبات المدعي العام ومسؤولياتهِ في جمع الادلة والمعلومات التي تسمح بمباشرة التحقيق كما ضمن في هذا الفرع اجراءات اصدار اوامر القبض وحقوق المتهم في مرحلة التحقيق و اجراءات القبض واشارة الى ضرورة التعاون بين الدول والمحكمة للقبض على المتهمين في الفرع الثالث تطرق الى القبض الاحتياطي الذي يقصد به القبض على المتهم لحين تقديم الوثائق المطلوبة والادلة للقبض عليه خشية هروبه وانهى الكاتب هذا الفرع بتعدد طلبات تسليم المتهمين , في المبحث الرابع وتحت عنوان اجراءات المحاكمة امام المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة ضد الانسانية , تناول في المطلب الاول اعتماد التهم قبل المحاكمة وذكر الحالات التي يقترح المدعي العام طلب المحاكمة على اساسها وهي :-

  • عندما يكون الشخص قد تنازل عن حقه في الحضور .
  • عندما يكون الشخص قد فرَ او لم يعثر عليه .

وشرح الكاتب وبشكل مفصل موضوع الشهود والادلة الكافية لغرض المحاكمة واعتماد التهم قبل المحاكمة واعتماد الدائرة التمهيدية عليها وتطرق الكاتب الى مكان المحاكمة والمحاكمة بحضور المتهم ووظائف الدائرة الابتدائية وسلطاتها ويرى ان الدائرة الابتدائية تكون مسؤولة عن استكمال التحقيق وسير اجراءات المحاكمة والتأكد من اختصاصها بالدعوى ومقبوليتها امامها وفي المطلب الثالث تناول الكاتب اجراءات المحاكمة في حال اعتراف المتهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية وتمتعه بالحقوق الاجرائية التي حددها النظام الاساسي وذلك باعتماد مبدئي الشرعية وأصل البراءة كما ورد في المادة 67 من النظام الاساسي , في المطلب الخامس تناول الكاتب حماية المجني عليهم والشهود في حالات التعرض للتهديدات والضغوط , وفي المطالب اللاحقة تناول الكاتب موضوع الادلة والافعال الجرمية المخلة بإقامة العدل ووثائق الطرف الثالث في المبحث الخامس استعرض الكاتب القرارات والعقوبات المتعلقة بالجرائم ضد الانسانية فبدأ بمتطلبات اصدار القرار والاستئناف واعادة المحاكمة واعادة النظر في الادلة او العقوبة وتنفيذ الاحكام ودور الدول في ذلك حيث اشار بأن الباب العاشر من النظام الاساسي للمحكمة نظم تنفيذ العقوبة والتي قصد بها الدول التي تنفذ العقوبة في سجونها , ثم تطرق الى الجرائم ضد الانسانية وتطورها التاريخي فسلط الضوء على مفهوم هذه الجرائم وتعريف ميثاق نورم برج للجرائم ضد الانسانية وكذلك في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 واسهب بشكل دقيق في تعداد الجرائم التي تنطوي في هذا النظام مشيراً الى المواد القانونية وانواع الجرائم والاشتراطات التي وردت على البعض منها , ويرى الكاتب ان الجرائم ضد الإنسانية كانت في احيان كثيرة مثاراً للتدخل الدولي الانساني والتدخل الانتقائي تحت مظلة الامم المتحدة او خارج نطاق هذه المنظمة في احيان اخرى , وتناول الكاتب اركان هذه الجرائم فذكر الركن الشرعي والركن المادي والركن المعنوي , وتطرق الى الركن الدولي الذي يستمد وجوده من نوع المصالح او الحقوق التي يتناولها الاعتداء , في المبحث الثالث من هذا الفصل تناول الكاتب انواع الجرائم المرتكبة ضد الانسانية فذكر الجرائم الماسة بالسلامة الجسدية ومنها جرائم القتل العمد والتعذيب والاغتصاب والاكراه على البغاء والحمل القسري والتعقيم القسري , واوضح اركان هذه الجرائم والشروط الواجب توفرها في كل منها ثم اشار الى الاتفاقيات المهمة والوثائق والنصوص القانونية المتعلقة بهذه الجرائم في المطلب الثاني من هذا الفصل  تناول الكاتب الجرائم الماسة بالحرية وفقاً لنظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية فذكر جرائم الاسترقاق وابعاد المكان والنقل القسري والسجن والحرمان من الحرية الشخصية والاختفاء القسري واسهب في تعريف هذه الجرائم واركانها وبشكل نقاط لتسهيل مهمة القارئ والباحث الذي يروم الكتابة عن هذه الجرائم وابدى الكاتب ملاحظاته عن كل جريمة من حيث توافر اركانها او عدم توافرها , في المطلب الثالث تناول الكاتب جرائم التمييز العنصري والافعال اللاإنسانية الأخرى فذكر جريمة الاضطهاد وجريمة الفصل العنصري والاتفاقيات التي تضمنتها هاتين الجريمتين اما الافعال اللاإنسانية الاخرى فأشار الى اركانها والنصوص القانونية المتعلقة بها , ولاحظ الكاتب ان النص على هذه الجرائم جاء عاماً ومطلقاً بحيث يستوي اي فعل في طبيعة جرائم ضد الانسانية وان خطورة هذه الجرائم كما يرى الكاتب في عبارة الافعال اللاإنسانية  الواردة في نص المادة (7) من النظام الاساسي تصطدم مع مبدأ الشرعية ( لا جريمة الا بنص ) , كما يفتح الباب واسعاً لاختلاق جرائم غير وارده , كما ان لفظ ذات طابع مماثل يخالف المبدأ القانوني الذي ينص على انه لا قياس على النص الجنائي , لقد انهى الكاتب مؤلفه الكبير بنتائج وتوصيات , حاولت ايجازها بشكل لا يفقد المحتوى او المضمون ومن هذه النتائج :-

  • ان مصطلح الجرائم ضد الإنسانية حديث النشأة نسبياً .
  • عدم اهتمام المجتمع الدولي سابقاً بالجرائم ضد الإنسانية .
  • المحاكمات التي جرت بعد الحرب العالمية كانت دفعه قوية لأنشاء المحكمة الجنائية الدولية .
  • تعريف الجرائم الواردة في النظام الاساسي للمحكمة جاء متسعاً ليشمل اغلب الجرائم واكثرها خطورة .
  • يعتبر مبدأ التكاملية احد أفضل المبادئ التي توصل اليها النظام الاساسي .
  • يعد انشاء المحكمة الجنائية الدولية تحولاً جذرياً في القانون الدولي الجنائي .
  • منح النظام الاساسي للمحكمة سلطة تقديريه كبيره في فرض العقوبة مما يؤدي الى عدم استقرار الأحكام ووجدتها في الجرائم المتشابهة نظراً لاختلاف ثقافات القضاة وتباين ظروفهم الاجتماعية .
  • الجرائم ضد الانسانية جرائم داخلية تخضع لقواعد القانون الداخلي .
  • ان وجود المحكمة الجنائية الدولية يشكل وقاية من الجرائم الدولية ووسيلة لحفظ الامن والسلم الدوليين .
  • ان الجريمة التي ترتكب ضد شخص واحد تعد جريمة ضد الانسانية اذا اقترنت بشكل منهجي لأسباب عرقية او دينية او قومية او اثنيه .

وينهي الكاتب نتائجه التي توصل اليها انه لابد من اعادة النظر في صياغة تعريف القانون الدولي والقول انه قانون القوة بمعنى ان المجتمع الدولي اصبح يخضع للقوة وليس كما يفترض ان يكون اي ان يخضع للقانون , اما في مجال التوصيات فقد اقترح الكاتب عدداً من التوصيات الجديرة بالاهتمام والدراسة ونشير وبشكل موجز الى البعض منها وعلى سبيل المثال لا الحصر .

  • منع اي دولة ان تعقد اتفاقاً مع اي دولة اخرى يقضي بعدم تسليم المجرمين للمحكمة الجنائية الدولية .
  • مطالبة الدول العربية بالانسحاب من الاتفاقيات الثنائية مع الولايات المتحدة الامريكية , وعدم منحها الفرصة لأفلات مواطنيها من العقاب .
  • ضرورة الأخذ بعين الاعتبار حق الاشخاص الذين يتعرضون لجرائم ضد الانسانية اقامة الدعوى لدى المحكمة .
  • توجيه الدعوة الى كافة دول العالم ومنها الدول العربية ان تصادق على النظام الاساسي للمحكمة .
  • ضرورة ادراج نصوص تعالج الجرائم الدولية التي يرتكبها الأحداث .
  • ضرورة النص على مسائلة الدول الى جانب الأفراد اذا ثبت تورطها معهم .
  • ان تختص المحكمة بالنظر في الجرائم التي يرتكبها الأفراد من غير الأعضاء في النظام الاساسي .
  • يتوجب على الدول الأعضاء في المحكمة ان تكون تشريعاتها الداخلية متقاربة مع نصوص المحكمة .
  • مناشده ومطالبة الامم المتحدة بجهازيها الجمعية العمومية ومجلس الأمن الدولي ان تجد حلاً يعتمد عليه في معاقبة مجرمي الحرب الامريكان والبريطانيين عن الجرائم التي ارتكبوها في العراق .
  • مناشدة المجتمع الدولي للعمل بصدق على التعاون مع المحكمة بهدف احقاق العدالة الدولية .
  • ضرورة تعديل المادتين(13) و(14)من النظام الاساسي للمحكمة وذلك بمنح دور لمنظمات المجتمع المدني وبالذات الاتحادات الدولية ولإقليمية للمحامين في احالة اي حالة فيها اي جريمة من الجرائم الداخلة ضمن اختصاص المحكمة

وينهي الكاتب توصياته ان تصبح هذه المحكمة درعاً يتصدى لضربات منتهكي القانون الدولي وحقوق الانسان ويزيد جدار هذه المحكمة قوة قانونية قد تصل بنا يوماً الى العيش في ظل قوة القانون وليس قانون القوة .

لقد احسن الدكتور سلوان الكسار عندما انهى كتابه بإضافة ملحق كامل لنظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية كي يسهل للقارئ الاطلاع على نصوص النظام كاملاً كي يتسنى له مقارنة بين القانون ومامتضمنه كتاب المؤلف , لقد اعتمد الكاتب إصدارهذا  الكتاب المقيد والذي لا غنى عنه لرجال الفقه والقضاة والقانون ولمن لديه اهتمامات في شؤون هذه المحكمة ومتابعتها والكتابة عنها , ان الاداء الرائع والمميز والتوظيف الجديد لقدرات الكاتب القانونية وسعه معلوماته في مهنة المحاماة امكنته ان ينتقد ويوصي ويستنتج ويؤشر ويحلل بتروي نصوص هذا النظام ان المخرجات التي توصل اليها الكاتب على الرغم من صعوبة المهمة وتعقيداتها اتسمت بالعلمية والقانونية التي توجب على المعنيين على شؤون المحكمة دراستها بدقه وتروي واخذها بعين الاعتبار عند اجراء اي تبديل او تعديل في نظامها الاساسي , ان كتاب اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الذي احتوى على 389 صفحة من الحجم الكبير اعتمد على عدد كبير من المصادر والدوريات والانظمة والقوانين ومواقع الانترنت كي يعطي للقارئ الصورة الواضحة والمتكاملة لنشوء هذه المحكمة وتطورها التاريخي وحالات النجاح والاخفاق التي واكبت مسيرتها , وان الآراء الممتازة والدقيقة البناءة للدكتور سلوان الكسار مكنته من تحقيق نجاح وتفوق على زملائه ممن كتبوا في هذا المجال وبالتأكيد سيكون لهذا الكتاب موقع مميز بين الكتب المودعة لدى المكاتب الدولية والعربية والوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى