اللجنة القانونية

أركان الجريمة الدولية

أركان الجريمة الدولية

المستشار سعيد النعمان

عضو اللجنة القانونية ، المنتدى العراقي للنخب والكفاءات

عرفت الجريمة الدولية بعدة تعاريف فقد عرفها الفقيه بيلا ( إذا كانت عقوبتها تطبق وتنفذ باسم الجماعة الدولية) في حين عرفها الفقيه جلا سير أو بأنها (واقعة إجرامية مخالفة لقواعد القانون الدولي تضر بمصالح الدول التي يحميها هذا القانون) وفي مشروع لجنة القانون الدولي ( بأنها تلك الجريمة التي تقع مخالفة لقواعد القانون الدولي الواردة في نصوص اتفاقية  مقبولة على نطاق واسع أو الثابتة كعرف دولي أو كبادئ عامة معترف بها من قبل الدولة المتمدنة وأن تكون تلك الجريمة من الجسامة بحيث أنها تؤثر في العلاقات الدولية أو تهز الضمير الإنساني المادة (19) من المشروع  .

وهذه الجريمة تعتبر مخالفة للقانون الدولي حيث يرتكبها الشخص الدولي بسلوك ايجابي أو سلبي عالما بحرمة السلوك وراغبا بارتكابه محدثا ضررا على المستوى الدولي . وأما أركان هذه الجريمة فهي الركن الشرعي فهو وجود نص قانوني يحرم الفعل وأن يكون النص موجدو في الجريمة الدولية وأن هذا النص يتضمن الشرعية التي يستمد من العرف الى جوار العرف الدولي ثم أن الكثير من الاتفاقيات الدولية تستمد شرعيتها من العرف الدولي وتعمل به . في حين أن الركن المادي هو النشاط أو الفعل الخارجي الذي يرد فيه نص قانوني يجرمه وعليه فأن هذه الجريمة يجب أن يتوفر فيها نشاط خارجي سلوك ايجابي أو سلبي يؤدي إلى نتيجة يحرمها القانون الجنائي الدولي .

وأما الركن المعنوي الذي نادرا ما يحصل في الجرائم الدولية غير العمدية . في حين أن الركن الدولي هو أساس التفرقة بين الجريمة الداخلية والجريمة الدولية أذن الأصل وجود الصفة الدولية والأ اعتبرت الجريمة داخلية . كما يشترط في هذا الركن الصفة الدولية فيجب أن يكون الفعل لايجابي أو السلبي مخالف للمصلحة التي يحميها القانون الدولي . وأما أنواع الجريمة الدولية وكما هو معروف فهي : ــ

1 ـ جريمة الحرب

هي الإعمال الحربية والعدوانية التي تقع من قبل الإطراف المتحاربة خلافا لمواثيق الحرب وأعرافها الدولية والاتفاقات والمعاهدات الدولية ولهذه الجريمة أركانها المعروفة ـ الركن المادي يشترط هذا الركن أن تكون هناك حرب وأن يقترف أحد الإطراف أحدى الأفعال المحظورة المخالفة لمواثيق الحرب والأعراف الدولية. أما ركنها المعنوي فيشترط توفر صفة العمدية أي توفر العلم مع الإرادة . وأما الركن الدولي فيشترط أن تتم الجريمة من قبل دول متحاربة . ومن المواثيق التي اهتمت بتجريم هذه الحرب. ومعاهدة  لاهاي عام 1899 م . واتفاقيات جنيف لنزع عام 1949 م التي تضمنت عددا من الانتهاكات منها ـ القتل المتعمد وتخريب المدن السكنية وتهجير المدنين من مساكنهم وغيرها من الأفعال المرفوضة إنسانيا والتي تقع أثناء الحرب

2 ـ الجريمة ضد الإنسانية

تعرف هذه الجريمة بأنها اعتداء صارخ على إنسان معين أو جماعة معينة بالذات لأسباب عرقية أو دينية أو سياسية . أما أركانها فهي الركن المادي هو عبارة عن أفعال جسيمة تمس المصالح الحيوية للإنسان ومنها الاسترقاق والإبادة والتعذيب واضطهاد الجماعة . وأما ركنها المعنوي فهو الصفة العمدية التي يجب أن  يتوفر فيها القصد الجنائي العام ( العلم والإرادة ) أي أن الجاني يعلم بتجريم الفعل والقيام به رغم معرفته بأنه محرم . في حين أن الركن الدولي يتحقق عندما تقوم دولة معينة بالتخطيط بوضع خطة متقنة ضد جماعة معينة تشترك بالدين أو العرق ومن المواثيق التي تحرم هذه الأفعال المشينة وأدانتها منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 م ومشروع قانون الجرائم ضد السلم وأمن البشرية 1954م . والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966 م . والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 م .

3 ـ جريمة إبادة الجنس البشري

هذه الجريمة عبارة عن القيام بأفعال مادية تؤدي إلى القضاء على المجتمعات عن طريق اضطهادها أو تعرضها للقتل أو جعل هذه الجماعات البشرية العيش تحت ظروف قاهرة وقاسية أو إجراء عمليات نقل بين أبنائها من جماعة إلى أخرى تختلف عنها في الدين والعرف والعادات السائدة . وأن من أبرز الاتفاقيات التي تصدت لهذه الجريمة وإنفاذ عقوبات هي اتفاقية مكافحة إبادة  الجنس البشري عام 1948 م . حيث نصت  المادة (2) تعريفا لهذه الجريمة ( أي فعل من الأفعال الآتية يرتكب بقصد القضاء كلا أو بعضا على جماعة بشرية بالنظر إلى صفتها الوطنية أو العنصرية أو الجنسية أو الدينية ) . والركن الدولي لهذه الجريمة هو الإعداد والتخطيط بشكل مسبق ومدروس من قبل أفراد يعملون لصالح الدولة أو أو الحاكمين فيها وهذا الركن يتحقق سواء نفذت الجريمة مواطنين أو أجانب في وقت السلم أو الحرب .

4 ـ جريمة العدوان

تعرف جريمة العدوان بأنها القيام بأفعال عدوانية باستخدام القوة المسلحة تنفيذا لأمر صادر من الحاكم في الدولة المعتدية أو من أحد قادتها ضد دولة أخرى . أما أركان هذه الجريمة فهي الركن المادي الذي هو عبارة عن أمر صادر من شخص مسئول أو قيادي أو حاكم مخول للقيام بفعل العدوان . أما الركن المعنوي هو توفر القصد الجنائي ( العلم والإرادة ) أي أن الفاعل يعلم أن الفعل يعاقب عليه القانون الجنائي الدولي   وأن أرادته اتجهت لارتكابه وأنه على علم مسبق سيتعرض  للمسائلة القانونية . وأما الركن الدولي هو أن يتم العدوان باسم الدولة أو بناء على مخططاتها أو برضاها أو بمشاركة منها ضد دولة أخرى . وأن من أهم المعاهدات الدولية مؤتمر نزع السلاح الذي عقد في لندن 1933 م وكذلك ما ورد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الصادر في 1998 م .

5 ـ الجريمة المنظمة

تهدف الجريمة المنظمة إلى تحقيق تجارة غير مشروعة ومن بينها الاتجار بالرقيق المتاجرة بالمخدرات والدعارة وغسل الأموال والإرهاب . وباتت الجريمة المنظمة تشكل خطرا على المجتمع الدولي والنظام العالمي الذي سعى إلى عقد الندوات والمؤتمرات للتصدي لهذه الجريمة وبكل الوسائل وأبرزها مؤتمر نابولي عام  1994 م الذي ناقش فيه موضوعات في غاية الأهمية . منها المشاكل والإخطار الناجمة عن هذه الجريمة والتشريعات الوطنية في مكافحتها وأشكال وصيغ التعاون الدولي والأساليب والمبادئ الملائمة لمنع هذه الجريمة . وتمخض عن المؤتمر أعلانا تضمن وضع خطة عمل عالمية لمكافحة هذه الجريمة من خلال تنظيم اتفاقيات ضد تجارة الرقيق وأخطاره والعبودية والسخرة وتحريم الاتجار بالنساء والأطفال .

 

6 ـ الجريمة الإرهابية

تعد جريمة الإرهاب من الجرائم المنظمة بإجماع الدول حيث أصبحت تهدد النظام العالمي وظاهرة عابرة للقارات الأمر الذي فرض على المجتمع الدولي عقد المؤتمرات لمكافحتها وأبرزها مؤتمر نابولي الذي تناول موضوعات مهمة . أتطرق إليها باختصار  منها ـ الأخطار والمعضلات الناجمة عن هذه الجريمة ـ القوانين الوطنية ومدى كفاءتها في الحد من هذه الجريمة ـ صور التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول في مجال التحقيق والسلطات القضائية وتبادل الخبرات  ـ الصيغ والمبادئ الطموحة لمنع وقوع الجريمة إقليميا ودوليا . ثم صدر إعلان نابولي الذي أحتوى وضع خطة عمل متفق عليها عالميا لمكافحة هذه الجريمة . ولم يكن هذا المؤتمر هو البداية فقد سبق ذلك مؤتمرات واتفاقيات عدة بذلت من قبل العاملين في مجال القانون الدولي نذكر منها على سبيل المثال . مؤتمر فبينا عام 1815 م ـ اتفاقية سان جرمان في عام 1919 م بشأن حظر الرق والعبودية ـ الاتفاقية الدولية عام 1921م بشأن تحريم الاتجار بالنساء والأطفال والرقيق الأبيض . ونحن نرى أن هذه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وحتى الثنائية منها يجب أن تفعل بشكل منصف وعادل وأن تشكل لجان متابعة مراقبة دولية لتنفيذها . وأن تقترن هذه الاتفاقيات بعقوبات واضحة . وتحديث المحاكم الجنائية الدولية التي بحاجة إلى تعديلات مهمة وجوهرية . وكذلك متابعة الأحكام التي تصدر عن المحكمة  بجدية لأن الأصل في الأحكام تطبيقها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى